للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - {بالسواء والفحشآء} هو من باب «عطف الخاص على العام» لأن السوء يتناول جميع المعاصي، والفحساء وأفحش المعاصي.

٣ - {وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ} فيه تشبيه (مرسل ومجمل) مرسل لذكر الأداة ومجمل لحذف وجه الشبه فقد شبه الكفار بالبهائم التي تسمع صوت المنادي دون أن تفقه كلامه وتعرف مراده.

٤ - {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} حذفت أداة الشبه ووجه الشبه فهو «تشبيه بليغ» أي هم كالصم في عدم سماع الحق وكالعمي وكالبكم في عدم الانتفاع بنور القرآن.

٥ - {مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النار} مجاز مرسل باعتبار ما يؤول إِليه أي إِنما يأكلون المال الحرام الذي يفضي بهم إِلى النار وقوله {فِي بُطُونِهِمْ} زيادة تشنيع وتقبيح لحالهم وتصويرهم بمن يتناول رضف جهنم، وذلك أفظع سماعاً وأشد إيجاعاً.

٦ - {اشتروا الضلالة بالهدى} استعارة والمراد استبدلوا الكفر بالإِيمان وقد تقدّم في أول السورة إِجراء هذه الاستعارة.

الفوَائِد: الأولى: عن ابن عباس قال: تليت هذه الآية عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {ياأيها الذين آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ} فقام سعد بن أبي وقاص فقال يا رسول الله: أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة! فقال يا سعد: أطبْ مطعمَك تكنْ مستجابَ الدعوة، والذي نفس محمد بيده إِن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبَّلُ منه أربعين يوماً، وأيمّا عبدٍ نبت لحمة من السُّحتِ والربا فالنارُ أولى به.

الثانية: قال بعض السلف: «يدخل في اتباع خطواتٍ الشيطان كلُّ معصية لله، وكل نذرٍ في المعاصي قال الشعبي: نذر رجلٌ أن ينحر ابنه فأقناه مسروقٌ بذبح كبش وقال: هذا من خطوات الشيطان» .

الثالثة: قال ابن القيم في أعلام الموقعين عن قوله تعالى {وَمَثَلُ الذين كَفَرُواْ كَمَثَلِ الذي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَآءً وَنِدَآءً} قال: لك أن تجعل هذا من التشبيه المركب، وأن تجعله من التشبيه المفرّق، فإِن جعلته من المركب كان تشبيهاً للكفار - في عدم فقههم وانتفاعهم - بالغنم التي ينعق بها الراعي فلا تفقه من قوله شيئاً غير الصوت المجرّد الذي هو الدعاء والنداء، وإِن جعلته من التشبيه المفرّق: فالذين كفروا بمنزلة البهائم، ودعاء داعيهم إِلى الطريق والهدى بمنزلة الذي ينعق بها، ودعاؤهم إِلى الهدى بمنزلة النعق، وإِدراكهم مجرد الدعاء والنداء كإِدراك البهائم مجرد صوت الناعق والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>