للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بني سلمة دياركم تُكتب آثاركُم، دياركم تُكتب آثاركم «فقالوا: ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا» {وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ في إِمَامٍ مُّبِينٍ} أي وكل شيء من الأشياء أوامرٍ من الأمور جمعناه وضبطناه في كتاب مسطور هو صحائف الأعمال كقوله تعالى {يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: ٧١] أي بكتاب أعمالهم، الشاهد عليهم بما علموه من خيرْ أو شرٍ، وقال مجاهد وقتادة: هو اللوح المحفوظ وقال ابو حيان: «نكتب ما قدَّموا» أي ونحصي، فعبَّر عن إحاطة علمه جل وعلا بأعمالهم بالكتابة التي تُضبط بها الأشياء. . ثم ذكر تعالى للمشريكن قصة أهل القرية الذين كذبوا الرسل فأهلكهم الله بصيحةٍ من السماء فقال {واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القرية} أي واذكر يا محمد لقومك الذين كذبوك قصة أصحاب القرية «أنطاكية» التي هي في الغرابة كالمثل السائر والقول العجيب {إِذْ جَآءَهَا المرسلون} أي حين جاءهم رسلنا الذين أرسلناهم لهدايتهم قال القرطبي: وهذه القرية هي «أنطاكية» في قول جميع المفسرين أرسل الله إليهم ثلاثة رسل وهم «صادق» و «مصدوق» و «شمعون» أُمر صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بإنذار هؤلاء المشركين أن يحل بهم ما حلَّ بكفار أهل القرية المبعوث إليهم ثلاثة رسل من الله، وقيل هم رسل عيسى {إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثنين فَكَذَّبُوهُمَا} أي حين بعثنا إليهم رسولين فبادروهما بالتكذيب {فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ} أي قوَّيناهما وشددنا أزرهما برسولٍ ثالث {فقالوا إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ} أين نحن رسل الله مرسلون لهدايتكم {قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} أي ليس لكم فضلٌ علينا وما أنتم إلا بشر مثلنا، فكيف أوحى الله إليكم دوننا؟ {وَمَآ أَنَزلَ الرحمن مِن شَيْءٍ} أي لم ينزل الله شيئاً من الوحي والرسالة {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ} أي ما أنتم إلا قوم تكذبون في دعوى الرسالة {قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّآ إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} أي أجابهم الرسل بقولهم الله يعلم أننا رسله إليكم، ولو كنا كذبة لانتقم منا أشدَّ الانتقام قال ابن جزي: أكدوا الخبر هنا باللام {لَمُرْسَلُونَ} لأنه جواب المنكرين، بخلاف الموضع الأول فإنه إخبارٌ مجرد {وَمَا عَلَيْنَآ إِلاَّ البلاغ المبين} أي وليس علينا إلا أن نبلغكم رسالة الله بلاغاً واضحاً جلياً لا غموض فيه، فإن آمنتم فلكم السعادة، وإن كذبتم فلكم الشقاوة قال أبو حيان: وفي هذا وعيدٌ لهم، ووصف البلاغ ب {المبين} لأنه الواضح بالآيات الشاهدة بصحة الإرسال، كما روي في هذه القصة من المعجزات الدالة صدق الرسل، من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الميت {قالوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي قال لهم أهل القرية: إنّا تشاءمنا بكم وبدعوتكم القبيحة لنا إلى الإيمان، وترك عبادة الأوثان قال المفسرون: ووجه تشاءمهم بالرسل أنهم دعوهم إلى دينٍ غير ما يدينون به، فساتغربوه واستقبحوه ونفرت منه عنه طبيعتهم المعوجة، فتشاءموا بمن دعا إليه كأنهم قالوا: أعاذنا الله مما

<<  <  ج: ص:  >  >>