وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرآئك مُتَّكِئُونَ} أي هم وزوجاتهم في ظلال الجنان والوارقة، حيث لا شمس فيها ولا زمهرير، متكئون على السرر المزيَّنة بالثياب والستور {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ} أي لهم في الجنة، فاكهة كثيرة من كل أنواع الفواكة {وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ} أي ولهم فيها ما يتمنون ويشتهون كقوله تعالى {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنفس وَتَلَذُّ الأعين}[الزخرف: ٧١]{سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} أي لهم سلامٌ كريم من ربهم الرحيم، وفي الحديث «بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع عليه نور، فرفعوا رءوسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله تعالى {سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} قال: فينظر إليهم وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم، ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم» .
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - التنكير والتفخيم والتعظيم {وَآيَةٌ لَّهُمُ} أي آية عظيمة باهرة على قدرة الله.
٢ - الطباق بين الموت والإحياء {الأرض الميتة أَحْيَيْنَاهَا} وبين الليل والنهار.
٣ - الاستعارة التصريحية {وَآيَةٌ لَّهُمُ اليل نَسْلَخُ مِنْهُ النهار} شبَّه إزالة ضوء النهار وانكشاف ظلمة اللليل بسلخ الجلد عن الشاة، واستعار اسم السلخ للإِزالة والإِخراج واشتق منه نسخ بمعنى نخرج منه النهار بطريق الاستعارة التصريحية، وهذا من بليغ الاستعارة، وبين الليل والنهار طباق.
٤ - التشبيه المرسل المجمل {حتى عَادَ كالعرجون القديم} وجه الشبه مركب من ثلاثة أشياء: الرقة، والانحناء، والصفرة، ولما لم يذكر سمي مجملاً.
٥ - تقديم المسند إليه لتقوية الحركم المنفي {لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر} فإنه أبلغ من أن يقول (لا ينبغي للشمس أن تدرك القمر) وأكد في إفادة أنها مسخرة لا يتيسر لها إلا ما أريد بها فإِنَّ قولك «أنت لا تكذب» بتقديم المسند إليه أبلغ من قولك «لا تكذب» فإِنه أشدُّ لنفي الكذب من العبارة الثانية فتدبر أسرار القرآن.
٦ - تنزيل غير العاقل منزلة العاقل {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} بدل يسبح، فقد عبر عن الشمس والقمر والكواكب بضمير جمع المذكر، والذي سوَّغ ذلك وصفهم بالسباحة لأنها من صفات العقلاء.
٧ - الاستعارة اللطيفة {مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} المرقد هنا عبارة عن الممات، فشبهوا حال موتهم بحال نومهم لأنها أشبه الأشياء بها وأبلغ من قوله: من بعثنا من مماتنا.
٨ - الإِيجاز بالحذف {هَذَا مَا وَعَدَ الرحمن} أي تقول لهم الملائكة هذا ما وعدكم به الرحمن.