٦ - {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} استعارة بديعة شبّه كل واحد من الزوجين لاشتماله على صاحبه في العناق والضم باللباس المشتمل على لابسه قال في تلخيص البيان: «المراد قرب بعضهم من بعض واشتمال بعضهم على بعض كما تشتمل الملابس على الأجسام فاللباس استعارة.
٧ - {الخيط الأبيض مِنَ الخيط الأسود} قال الشريف الرضي: وهذه استعارة عجيبة والمراد بها بياض الصبح وسواد الليل والخيطان هاهنا مجاز وإِنما شبههما بذلك لأن بياض الصبح يكون في أول طلوعه مشرقاً خافياً، ويكون سواد الليل منقضياً مولّياً، فهما جميعاً ضعيفان إِلا أن هذا يزداد انتشاراً وهذا يزداد استسراراً، وذهب الزمخشري إِلى أنه من التشبيه البليغ.
الفوَائِد: الأولى: روي عن الحسن أنه قال: إِن الله تعالى فرض صيام رمضان على اليهود والنصارى، أما اليهود فإِنها تركت هذا الشهر وصامت يوماً من السنة زعموا أنه يوم غرق فيه فرعون، وأما النصارى فإِنهم صاموا رمضان فصادفوا فيه الحر الشديد فحولوه إِلى وقت لا يتغير ثم قالوا عند ذلك نزيد فيه فزادوا عشراً، ثم بعد زمانٍ اشتكى ملكهم فنذر سبعاً فزادوه، ثم جاء بعد ذلك ملك آخر فقال: ما بال هذه الثلاثة فأتمه خمسين يوماً وهذا معنى قوله تعالى {اتخذوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً}[التوبة: ٣١] .
الثانية: قال الحافظ ابن كثير: وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} إِرشادٌ إِلى الاجتهاد في الدعاء عند إِكمال العدة بل وعند كل فطر لحديث
«إِنّ للصائم عند فطره دعوة ما تُرد» وكان عبد الله بن عمرو يقول إِذا أفطر: اللهم إِني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي.
الثالثة: ظاهر نظم الجملة {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} أنهم سألوا عن الله، والسؤال لا يكون عن الذات وإِنما يكون عن شأن من شئونها فقوله في الجواب {فَإِنِّي قَرِيبٌ} يدل على أنهم سألوا عن جهة القرب أو البعد، ولم يصدر الجواب ب «قل» أو فقل كما وقع في أجوبه مسائلهم الواردة في آيات أخرى نحو {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الجبال فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}[طه: ١٠٥] بل تولّى جوابهم بنفسه إِشعاراً بفرط قربه منهم، وحضوره مع كل سائل بحيث لا تتوقف إِجابته على وجود واسطة بينه وبين السائلين من ذوي الحاجات.
الرابعة: قال الإِمام ابن تيمية «وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه مهيمن عليهم مطّلعٌ إليهم فدخل في ذلك الإِيمان بأنه قريب من خلقه» وفي الصحيح «إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوّه وفوقيته فإنه سبحانه ليس كمثله شيء.
الخامسة: عبّر المولى جل وعلا عن المباشرة الجنسية التي تكون بين الزوجين بتعبير سام