للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجدي لأن دعاء الكافرين ما هو إلا خسار وتبار {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ فِي الحياة الدنيا} أي ننصر الرسل والمؤمنين بالحجة والظفر والانتقام لهم من الكفرة المجرمين في هذه الحياة الدنيا {وَيَوْمَ يَقُومُ الأشهاد} أي وفي الآخرة يوم يحضر الأشهاد الذين يشهدون بأعمال العباد، من مَلك ونبيٍ ومؤمن قال الرازي: الآية وعدٌ من الله تعالى لرسوله بأن ينصره على أعدائه في الحياة الدنيا وفي الآخرة {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ الظالمين مَعْذِرَتُهُمْ} أي لا ينفع المجرمين اعتذارهم قال ابن جرير: لا ينفع أهل الشرك اعتذارهم، لأنهم لا يعتذرون إلا بباطل {وَلَهُمُ اللعنة} أي الطردُ من رحمة الله {وَلَهُمْ سواء الدار} أي ولهم جهنم أسوأ مرجع ومصير قال ابن عباس: {سواء الدار} سؤُ العاقبة {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الهدى} أي والله لقد أعطينا «موسى بن عمران» ما يُهتدى به في الذين، من المعجزات والصحف والشرائع {وَأَوْرَثْنَا بني إِسْرَائِيلَ الكتاب} أي أورثناهم العلم النافع والكتاب الهادي وهو «التوراة» {هُدًى وذكرى لأُوْلِي الألباب} أي هادياً وتذكرةً لأصحاب العقول السليمة {فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} أي فاصبر يا محمد علىأذى المشركين، فإن وعد الله لك ولأتباعك بالنصر على الأعداء، حقٌ لا يمكن أن يتخلف، لأن الله لا يخلف الميعاد قال الإِمام الفخر: لما بيَّن تعالىأنه ينصر رسله، وضرب المثال في ذلك بحال موسى، خاطب بعده رسوله بقوله {فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} والمراد أنَّ الله ناصرك كما نصرهم، ومنجزٌ وعده لك كما أنجزه في حقهم {واستغفر لِذَنبِكَ} أي واطلب المغفرة من ربك على ما فرط منك من ترك الأولى والأفضل، قال الصاوي: والمقصودُ من هذا الأمر تعليم الأمة ذلك، وإلا فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ معصومٌ من الذنوب جميعاً، صغائر وكبائر قبل النبوة وبعدها على التحقيق وقال ابن كثير: وهذا تهييجٌ للأمة على الاستغفار {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعشي والإبكار} أي ودمْ على تسبيح ربك في المساء والصباح قال الرازي: والمرادُ منه الأمرُ بالمواظبة على ذكر الله، وألاَّ يفتر اللسان عنه، حتى يصبح في زمرة الملائكة الأبرار، الذين

{يُسَبِّحُونَ اليل والنهار لاَ يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: ٢٠] والمرادُ بالتسبيح تنزيهُ اللهِ عن كل ما لا يليق به، ثم نبه تعالىإلى السبب الدافع للكفار إلى المجادلة بالباطل فقال {إِنَّ الذين يُجَادِلُونَ في آيَاتِ الله} أي يخاصمون في الآيات المنزلة {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ} أي بلا برهانٍ ولا حجةٍ من الله {إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ} أي ما شفي قلوبهم إلا تكبرٌ وتعاظم يمنعهم من اتباعك والانقياد إليك {مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} أي ما هم بواصلين إلى مرادهم من إطفاء نور الله، ولا بمؤملين مقصودهم بالعو عليك {فاستعذ بالله إِنَّهُ هُوَ السميع البصير} أي فالتجىءْ وتحصَّنْ بالله من كيدهم، فإِن الله يدفع عنك شرهم، لأنه هو السميعُ لأقوالهم العليمُ بأحوالهم. . ثم ذكر تعالى الدلائل الدالة على قدرته ووحدانيته فقال {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} اللام لام الابتداء أي لخلقُ الله للسمواتِ والأرضِ وإِنشاؤُهما وابتداعهما من غير شيء أعظم من خلق البشر، فمن قدر على خلقهما مع عظمهما كيف

<<  <  ج: ص:  >  >>