التبابعة ملوك اليمن، واحدهم تُبَّع، وقال أهل اللغة: تُبَّع لقب للملك منهم كالقياصرة للروم، والأكاسرة للفرس، والخلفاء للمسلمين {يَوْمَ الفصل} يوم القيامة {مَّوْلًى} قريب وناصر {المهل} النحاس المذاب {الأثيم} الفاجر من أثِمَ الرجل يأثم إِذا وقع في الإِثم والفجور {اعتلوه} جرُّوه وسوقوه بغنفٍ وشدَّة {سُندُسٍ} رقيق الديباج {إِسْتَبْرَقٍ} غليظ الديباج {عِينٍ} واسعات الأعين جمع عيناء {ارتقب} انتظر.
التفسِير:{وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بني إِسْرَائِيلَ مِنَ العذاب المهين} أي والله لقد أنقدنا بني إسرائيل من العذاب الشديد، المفرط في الإِذلال والإِهانة، وهو قتل أبنائهم واستخدام نسائهم، وإرهاقهم في الأعمال الشاقة {مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ المسرفين} أي من طغيان فرعون وجبروته إنه كان متكبراً جباراً، متجاوزاً الحد في الطغيان والإِجرام قال الصاوي: هذه من جملة تعداد النعم على بني إسرائيل، والمقصود من ذلك تسليته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتبشيره بأنه سينجيه وقومه المؤمنين من أيدي المشركين، فإِنهم لم يلغوا في التجبر مثل فرعون وقومه {وَلَقَدِ اخترناهم على عِلْمٍ عَلَى العالمين} أي اصطفيناهم وشرفناهم على علمٍ منا باستحقاقهم لذلك الشرف على جميع الناس في زمانهم قال قتادة: على أهل زمانهم، لا على أمة محمد لقوله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠]{وَآتَيْنَاهُم مِّنَ الآيات مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ} أي وآتيناهم من الحجج والبراهين وخوارق العادات ما فيه اختبار وامتحان ظاهر جليٌ لمن تدبَّر وتبصَّر قال الرازي: والآياتُ مثل فلق البحر، وتظليل الغمام، وإِنزال المنِّ والسلوى وغيرها من الآيات الباهرة، التي ما أظهر الله مثلها على أحدٍ سواهم {إِنَّ هؤلاء لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى} أي إن كفار قريش ليقولون: لن نموت إلا موتةً واحدةً وهي موتتنا الأولى في الدنيا، وفي قوله تعالى {هؤلاء} تحقيرٌ لهم وازدراءٌ بهم قال المفسرون: لمَّا كان الحديث في أول السورة عن كفار مكة، وجاءت قصة فرعون وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإِصرار على الضلالة والكفر، رجع إلى الحديث عن كفار قريش، والغرضُ من قولهم {إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى} إِنكار البعث كأنهم قالوا: إِذا متنا فلا بعث ولا حياة ولا نشور، ثم صرحوا بذلك بقولهم {وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ} أي وما نحن بمبمعوثين {فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} خطابٌ للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمؤمنين على وجه التعجيز أي أحيو لنا آبائنا ليخبرونا بصدقكم إن كنتم صادقين في أن هناك حياةً بعد هذه الحياة قال الإِمام الفخر: إن الكفار احتجوا على نفي الحشر والنشر بأن قالوا: إن كان البعث والنشور ممكناً معقولاً فجعلوا لنا إحياء من مات من آبائنا ليصير ذلك دليلاً عندنا على صدق دعواكم في البعث يوم القيامة وقال القرطبي: قال هذا أبو جهل، قال يا محمد: إن كنت صادقاً في قولك فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما: قُصي بن كلاب فإِنه كان رجلاً صادقاً، لنسأله كما يكون بعد الموت {أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ} استفهام انكار مع