للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت قريش حين أخبرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأمره في الإِسراء كذبوا واستخفوا حتى وصف لهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بيت المقدس، والجمهور على أن المرئي مرتين هو جبريل، وعن ابن عباس وعكرمة أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى ربه بعيني رأسه، وأنكرت ذلك عائشة وقالت إنه رأى جبريل في صورته مرتين ثم قال أبو حيان: والصحيح أن جميع ما في هذه الآيات هو مع جريل بدليل قوله تعالى {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى} فإنه يقتضي مرة متقدمة {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أخرى} أي رأى الرسول جبريل في صورته الملكية مرةً أُخرى {عِندَ سِدْرَةِ المنتهى} أي عند سدرة المنتهى التي هي في السماء السابعة قرب العرش قال المفسرون: والسشدرة شجرة النَّبق تنبع من أصلها الأنهار، وهي عين يمين العرش، وسميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها علم الخلائق وحميع الملائكة، ولا يعلم أحدٌ ما وراءها إلا الله جل وعلا وفي الحديث

«صُعد بي إلى السماء السابعة، ورفعت إليَّ سدرة المنتهى، فإِذا نبقها أي ثمرها مثل قلال هجر، وإِذا أوراقها كآذان الفيلة. .» {عِندَهَا جَنَّةُ المأوى} أي عند سدرة المنتهى الجنة التي تأوي إليها الملائكة وأرواح الشهداء والمتقين {إِذْ يغشى السدرة مَا يغشى} أي رآه وقت ما يغشى السدرة ما يغشى من العجائب قال الحسن: غشيها نور رب العالمين فاستنارت وقال ابن مسعود: غشيها فراش من ذهب وفي الحديث

«لما غشيها من أمر الله ما غشيها تغيَّرت، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها» قال المفسرون: رأى عليه السلام شجرة سدرة المنتهى وقد غشيتها سبحات أنوار الله عَزَّ وَجَلَّ، حتى ما يستطيع أحد أن ينظر إليها، وغشيتها الملائكة أمثال الطيور يعبدون الله عندها، يجتمعون حولها مسبِّحين وزائرين كما يزور الناس الكعبة وفي الحديث «رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب، ورأيت على كل ورقة ملكاً قائماً يسبح لله تعالى» {مَا زَاغَ البصر} أي ما صال بصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في المقام وفي تلك الحضرة يميناً وشمالاً {وَمَا طغى} أي وما جاوز الحدَّ الذي رأى قال القرطبي: أي لم يمدَّ بصره إلى غير ما رأى من الآيات، وهذا وهذا وصف أدب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذلك المقام إذ لم يلتفت يميناً ولا شمالاً وقال الخازن: لما تجلَّى رب العزة وظهر نوره، ثبت صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في ذلك المقام العظيم الذي تحار فيه العقول، وتزلُّ فيه الأقدام، وتميل فيه الأبصار {لَقَدْ رأى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكبرى} أي والله لقد رأى محمد ليلة المعراج عجائب ملكوت الله، رأى سدة المنتهى، والبيت المعمور، والجنة والنار، ورأى جبريل في صورته التي يكون عليها في السموات له ستمائة جناحٍ، ورأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سدَّ الأفق، وغير ذلك من الآيات العظام قال الفخر: وفي الآية دليلٌ على أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رأى ليلة المعراج آياتِ الله ولم

<<  <  ج: ص:  >  >>