الزمخشري: جنة الفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي وفي الحديث «جنتان من قضة آنيتُهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إِلى ربهم عَزَّ وَجَلَّ إِلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن»{فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ثم وصف تعالى الجنتين فقال {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} أي ذواتا أغصان متفرعة وثمار متنوعة قال في البحر: وخصَّ الأفنان وهي الغصون بالذكر لأنهما لا تورق وتمثر، ومنها تمتد الظلال وتُجنى المثار {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} أي فبأي نعم الله الجليلة تكذكبان يا معشر الإِنس والجن {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} أي في كل واحدة من الجنتين عين جارية، تجري بالماء الزلال كقوله تعالى {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ}[الغاشية: ١٢] قال ابن كثير: أي تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان، فتثمر من جميع الألوان قال الحسن: تجريان بالماء الزلال إِحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} تقدم تفسيره {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} أي فيهما من جميع أنواع الفواكه والثمار صنفان: معروفٌ، وغريب لم يعرفوه في الدنيا قال ابن عباس: ما في الدنيا ثمرةٌ حلوة ولا مرة إِلا وهي في الجنة حتى الحنظل، إِلا أنه حلو، وليس في الدنا مما في الآخرة إلآَ الأسماء {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} تقدم تفسيره قال الفخر الرازي: إِن قوله تعالى {ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ} و {فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} و {فِيهِمَا مِن كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} كلها أوصافٌ للجنتين المذكورتين، وإنما فصل بين الأغصان والفواكه بذكر العينين الجاريتين على عادة المتنعمين، فإِنهم إِذا دخلوا البستان لا يبادرون إِلى أكل الثمار، بل يقدمون التفرج على الأكل، مع أن الإِنسان في بستان الدنيا لا يأكل حتى يجوع ويشتهي شهوة شديدة فكيف في الجنة!! فذكر تعالى ما يتم به النزة وهو خضرة الأشجار، وجريان الأنهار، ثم ذكر ما يكون بعد النزهة وهو أكل الثمار، فسبحان من يأتي بالآيات بأحسن المعاني في أبين المباني {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} أي مضطجعين في جنان الخلد على فرشٍ وثيرة بطائنها من ديباج وهو الحرير السميك المزين بالذهب، وهذا يدل على نهاية شرفها لأن البطانة إِذا كانت بها الوصف فما بالك بالظهارة؟ قال ابن مسعود: هذه البطائن فيكف لو رأيتم الظواهر؟ وقال ابن عباس: لما سئل عن الآية: ذلك مما قال الله تعالى
{فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ}[السجدة: ١٧]{وَجَنَى الجنتين دَانٍ} أي ثمرها قريب يناله القاعد والقائم والنائم، بخلاف ثمار الدنيا فإِنها لا تنال إِلا بكدٍ وتعب قال ابن عباس: تدنو الشجرة حتى يجتنيها وليُ الله إِن شاء قائماً، وإِن شاء قاعداً، وإِن شاء مضطجعاً {فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} تقدم تفسيره {فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطرف} أي في تلك الجنان نساء قاصرات الطرف قصرن أعينهن على أزواجهن فلا يرين غيرهم، م كما هو حال المخدَّرات العفائف {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ} أي لم يمسهنَّ ولم يجامعهن أحدٌ قبل أزواجهنَّ لا من الإِنس ولا من الجن، بل هنَّ أبكار عذارى قال الألوسي: وأصلُ الطمث خروج الدم ولذلك يقال للحيض طمثٌ، ثم أُطلق على جماع الأبكار لما فيه من خروج الدم، ثم على كل جماع وإِن لم يكن فيه خروج دم {فَبِأَيِّ