للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في كل ما يطلب الناس الفسحة فيه في المكان، الرزق، والصدر، والقبر، والجنة، واعلم أن الآية دلت على أن كل من وسَّع على عباد الله أبواب الخير والراحة وسَّع عليه خيرات الدنيا والآخرة وفي الحديث

«لايزال الله في عون العبد ما زال العبد في عون أخيه» {وَإِذَا قِيلَ انشزوا فَانشُزُواْ} أي وإِذا قيل لكم أيها المؤمنون انهضوا من المجلس وقوموا لتوسّعوا لغيركم فارتفعوا منه وقوموا قال ابن عباس: معناه إِذا قيل لكم ارتفعوا فارتفعوا قال في البحر: أُمروا أولاً بالتفسح في المجلس، ثم ثانياً بامتثال الأمر فيه إِذا أُمروا، وألا يجدوا في ذلك غضاضة {يَرْفَعِ الله الذين آمَنُواْ مِنكُمْ والذين أُوتُواْ العلم دَرَجَاتٍ} أي يرفع الله المؤمنين بامتثال أوامره وأوامر رسوله، والعالمين منهم خاصة أعلى المراتب، ويمنحهم أعلى الدرجات الرفيعة في الجنة قال ابن مسعود: مدح الله العلماء في هذه الآية ثم قال: يا أيها الناس افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم فإن الله يقول يرفع المؤمن العالم فوق المؤمن الذي ليسبعالم درجات وقال القرطبي: بيّن في هذه الآية أن الرفعة عند الله بالعلم والإِيمان، لا بالسبق إِلى صدور المجالس، وفي الحديث «فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» وعنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء» فأعظمْ بمنزلةٍ هي واسطةٌ بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {والله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} أي خبير بمن يستحق الفضل والثواب ممن لا يستحقه {ياأيها الذين آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ الرسول} أي إِذا أردتم محادثته سراً {فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} أي فقدموا قبلها صدقة تصدَّقوا بها على الفقراء قال الألوسي: وفي هذا الأمر تعظيم لمقام الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ونفعٌ للفقراء، وتمييزٌ بين المخلص والمنافق، وبين محب الدنيا ومحب الآخرة {ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ} أي تقديم الصدقاتن قبل مناجاته أفضل لكم عند الله لما فيه من امتثال أمر الله، وأطهر لذنوبكم {فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي فإِن لم تجدوا ما تتصدقون به فإِن الله يسامحكم ويعفو عنكم، لأنه لم يكلف بذلك إِلا القادر منكم {أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ} عتابٌ للمؤمنين رقيقٌ رفيق أي أخفتم أيها المؤمنون الفقر إِذا تصدقتم قبل مناجاتكم للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ والغرضُ: لا تخافوا فإِن الله يرزقكم لأنه غني بيده خزائن السموات والأرض، وهو عتاب لطيف كما بينا، ثم نسخ

<<  <  ج: ص:  >  >>