وجوه البر والإِحسان ابتغاء وجه الله قال ابن عباس: يريد سائر الصدقات سوى الزكاة، من صلة الرحم، وقرى الضيف وغيرهما {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ الله} أي أيَّ شيء تفعلوه أيها الناس من وجوه البر والخير تلقوا أجره وثوابه عند ربكم {هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} أي تجدوا ذلك الأجر والثواب يوم القيامة خيراً لكم مما قدمتم في الدنيا من صلح الأعمال، فإن الدنيا فانية والآخةر باقية، وما عند الله خيرٌ للأبرار {واستغفروا الله} أي اطلبوا مغفرة الله في جميع أحوالكم، فإن الإِنسان قلَّما يخلو من تقصير أو تفريط {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} أي عظيم المغفرة، واسع الرحمة.
. ختم تعالى السورة بإِرشاد المنفقين المحسنين، إلى أن يطلبوا من الله الصفح والعفو، إذ ربما كانوا لم يخلصوا النية في الإِنفاق، أو لم يحسنوا العمل في الإِقراض، فيضعوا النفقة في غير مواضعها، أو ينفقوها فيما لهم فيه غرض وشهوة، وهو ختم يتناسق مع موضوع الإِنفاق، فسبحان منزل القرآن بأوضح بيان!!
البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - الطباق بين {انقص مِنْهُ. . أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} وبين {المشرق. . والمغرب} وبين {الليل والنهار} .
٣ - تأكيد الفعل بالمصدر مثل {رَتِّلِ القرآن تَرْتِيلاً}{رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً}{فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} زيادة في البيان والإِيضاح.
٤ - الالتفات من الغيبة إلى الخطاب {إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً} ولو جرى على الأصل لقال إنا أرسلنا إليهم، والغرض من الالتفات التقريع والتوبيخ على عدم الإِيمان.
٥ - المجاز المرسل {فاقرءوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآن} أراد به الصلاة، فأطلق اسم الجزء على الكل، لأن القراءة أحد أجزاء الصلاة.
٦ - ذكر العام بعد الخاص {وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ} عمَّم بعد ذكر الصلاة، والزكاة، والإِنفاق ليعم جميع الصالحات.
٧ - الاستعارة التبعية {وَأَقْرِضُواُ الله قَرْضاً حَسَناً} شبَّه الإِحسان إلى الفقراء والمساكين بإقراض رب العالمين، وهو من لطيف الاستعارة.