٢ - {أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً} فيه استعارة تمثيلية فقد شبّه حالهم والله تعالى يفيض عليهم بالصبر بحال الماء يصب ويفرغ على الجسم فيعمه كله، ظاهره وباطنه فيلقي في القلب برداً وسلاماً وهدوءاً واطمئناناً.
الفوَائِد: الأولى: أسند الاستقراض إِلى الله في قوله: {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله} وهو المنزه عن الحاجات ترغيباً في الصدقة كما أضاف الإِحسان إِلى المريض والجائع والعطشان إِلى نفسه تعالى في قوله جلّ وعلا في الحديث القدسي: «ابن آدم مرضتُ فلم تعدني» و «اسعطعمتك فلم تطعمني» و «استسقيتك فلم تسقني» الحديث الذي رواه الشيخان.
الثانية: روي أنه لمّا نزلت الآية الكريمة «جاء أبو الدحداح الأنصاري إِلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال يا رسول الله: وإِنّ الله ليريد منّا القرض؟ قال:» نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاح! «قال: أرني يدك يا رسول الله، فناوله يده قال: فإِين قد أقرضتُ ربي حائطي - أي بستاني وكان فيه ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها - فجاء أبو الدحداح فنادها: يا أُمَّ الدحداح قالت: لبّيك، قال: اخرجي فقد أقرضته ربي عزَّ وجلَّ» ، وفي رواية قالت: ربح بيعك يا أبا الدحداح وخرجت منه مع عيالها.
الثالثة: قال البقاعي: ولعلّ ختام بني إِسرائيل بهذه القصة لما فيها للنبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من واضح الدلالة على صحة رسالته لأنها مما لا يعلمه إِلا القليل من حذاق علماء بني إِسرائيل.