للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

محارم الله قال بان كثير: أعطى ما أُمر باخراجه، واتقى الله في أموره {وَصَدَّقَ بالحسنى} أي وصدَّق بالجنة التي أعدَّها الله للأبرار {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى} أي فسنهيئه لعمل الخير، ونسهّل عليه الخصلة المؤدية لليسر، وهي فعل الطاعات وترك المحرمات {وَأَمَّا مَن بَخِلَ واستغنى} أي وأمَّا من بخل بإِنفاق المال، واستغنى عن عبادة ذي الجلال قال ابن عباس: بخل بماله، واستغنى عن ربه عزَّ وجل {وَكَذَّبَ بالحسنى} أي وكذَّب بالجنة ونعيمها {فَسَنُيَسِّرُهُ للعسرى} أي فسنهيئه للخصة المؤدية للعسر، وهي الحياة السيئة في الدنيا والآخرة وهي طريق الشر قال المفسرون: سمَّى طريقة الخير يسرى لأن عاقبتها اليسر وهي دخول الجنة دار النعيم، وسمَّى طريقة الشرِّ عسرى لأن عاقبتها العسر وهو دخول الجحيم {وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تردى} استفهام إِنكاري أيْ أيُّ شيء ينفعه ماله إذا هلك وهو في نار جهنم؟ هل نفعه المال، ويدفع عنه الوبال؟ {إِنَّ عَلَيْنَا للهدى} أي إنَّ علينا أن نبيِّن للناس طريق الهدى من طريق الضلالة، ونوضّح سبيل الرشد من سبيل الغي كقوله

{وَقُلِ الحق مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩] {وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ والأولى} أي لنا ما في الدنيا والآخرة، فمن طلبهما من غير الله فقد أخطأ الطريق {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى} أي فحذرتكم يا أهل مكة ناراً تتوقَّد وتتوهج من شدة حرارتها {لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الأشقى} أي لا يدخلها للخلود فيها ولا يذوق سعيرها، إِلاّ الكافر الشقي. . ثم فسَّره تعالى بقوله {الذي كَذَّبَ وتولى} أي كذَّب الرسل وأعرض عن الإِيمان {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى} أي وسيبعد عن النار التقيُ النقيُّ، المبالغ في اجتناب الشرك والمعاصي. . ثم فسَّره تعالى بقوله {الذى يُؤْتِي مَالَهُ يتزكى} أي الذي ينفق ماله في وجوه الخير ليزكي نفسه {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى} أي وليس لأحدٍ عنده نعمة حتى يكافئه عليها، وإِنما ينفق لوجه الله قال المفسرون: نزلت الآيات في حقِّ «أبي بكر الصديق» حين اشترى بلالاً وأعتقه في سبيل الله فقال المشركون: إِنما فعل ذلك ليد كانت له عنده فنزلت {إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} أي ليس له غاية إِلا مرضاة الله {وَلَسَوْفَ يرضى} أي ولسوف يعطيه الله في الآخرة ما يرضيه وهو وعدٌ كريم من رب رحيم.

البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

١ - الطباق بين لفظة {الأشقى} و {الأتقى} وبين {اليسرى} و {العسرى} .

٢ - المقابلة اللطيفة {فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى وَصَدَّقَ بالحسنى} وبين {وَأَمَّا مَن بَخِلَ واستغنى وَكَذَّبَ بالحسنى} الآيات.

٣ - جناس الاشتقاق {فَسَنُيَسِّرُهُ لليسرى} لأن اليسرى من التيسير فبينهما مجانسة.

٤ - حذف المفعول للتعميم ليذهب ذهن السامع كل مذهب {فَأَمَّا مَنْ أعطى واتقى. .} الآيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>