للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} . الآية.

التفسير: {الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ الحي القيوم} أي هو الله جل جلاله الواحد الأحد الفرد الصمد، ذو الحياة الكاملة، الباقي الدائم الذي لا يموت، القائم على تدبير شئون الخلق بالرعاية والحفظ والتدبير {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} أي لا يأخذه نعاسٌ ولا نوم كما ورد في الحديث «إنَّ الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه» ، {لَّهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} أي جميع ما في السماوات والأرض ملكه وعبيده وتحت قهره وسلطانه {مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} أي لا أحد يستطيع أن يشفع لأحد إِلا إِذا أذن له الله تعالى قال ابن كثير: وهذا بيان لعظمته وجلاله وكبريائه بحيث لا يتجاسر أحد على الشفاعة إِلا بإذن المولى {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} أي يعلم ما هو حاضر مشاهد لهم وهو الدنيا وما خلفهم أي أمامهم وهو الآخرة فقد أحاط علمه بالكائنات والعوالم {وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ} أي لا يعلمون شيئاً من معلوماته إِلا بما أعلمهم إِيّاه على ألسنة الرسل {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السماوات والأرض} أي أحاط كرسيّه بالسماوات والأرض لبسطته وسعته، والسماواتُ السبع والأرضون بالنسبة للكرسي كحلقةٍ ملقاةٍ في فلاة، وروي عن ابن عباس {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ} قال: علمه بدلالة قوله تعالى

{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً} [غافر: ٧] فأخبر أن علمه وسع كل شيء وقال الحسن البصري: الكرسي هو العرش قال ابن كثير: والصحيح أن الكرسي غير العرش وأن العرش أكبر منه كما دلت على ذلك الآثار والأخبار {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العلي العظيم} أي لا يثقله ولا يعجزه حفظ السماوات والأرض ومن فيهما وهو العلي فوق خلقه ذو العظمة والجلال كقوله {الكبير المتعال} [الرعد: ٩] {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدين قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} أي لا إِجبار ولا إِكراه لأحد على الدخول في دين الإِسلام، فقد بان ووضح الحق من الباطل والهدى من الضلال {فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى} أي من كفر بما يعبد من غير الله كالشيطان والأوثان وآمن بالله تمسك من الدين بأقوى سبب {لاَ انفصام لَهَا} أي لا انقطاع لها ولا زوال {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أي سميع لأقوال عباده عليم بأفعالهم {الله وَلِيُّ الذين آمَنُواْ يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} أي الله ناصر المؤمنين وحافظهم ومتولي أمورهم، يخرجهم من ظلمات الكفر والضلالة إِلى نور الإِيمان والهداية {والذين كفروا أَوْلِيَآؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النور إِلَى الظلمات} أي وأما الكافرون فأولياؤهم الشياطين يخرجونهم من نور الإِيمان إِلى ظلمات الشك والضلال {أولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} أي ماكثون في نار جهنم لا يخرجون منها أبداً.

البَلاَغَة: ١ - في آية الكرسي أنواعٌ من الفصاحة وعلم البيان منها حسنُ الافتتاح لأنها افتتحت بأجل أسماء اللله تعالى، وتكرار اسمه ظاهراً ومضمراً في ثمانية عشر موضعاً، والإِطناب بتكرير

<<  <  ج: ص:  >  >>