للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مطيعٌ مهتدٍ منيب، داعٍ إِلى الهدى والرشاد؟} وما أعجب هذا؟ {ثم عاد لخطاب الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقال {أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وتولى} أي أخبرني يا محمد إِن كذَّب بالقرآن، وأعرض عن الإِيمان {أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ الله يرى} أي ألم يعلم ذلك الشقي أن الله مطَّلع على أحواله، مراقب لأفعاله، وسيجازيه عليها} {ويله ما أجهله وأغباه؟} ثم ردعه وزجره فقال {كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ} أي ليرتدع هذا الفاجر «أبو جهل» عن غيه وضلاله، فوالله لئن لم ينته عن أذى الرسول، ويكف عمَّا هو عليه من الكفر والضلال {لَنَسْفَعاً بالناصية} أي لنأخذنه بناصيته مقدم شعر الرأس فلنجرنه إِلى النار بعنفٍ وشدة ونقذفه فيها {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} أي صاحب هذه الناصية كاذبٌ، فاجرٌ، كثر الذنوب والإِجرام قال في التسهيل: ووصفها بالكذب والخطيئة مجازٌ، والكاذب الخاطىء في الحقيقة صاحبها، والخاطىء الذي يفعل الذنب متعمداً، والمخطىء الذي يفعله بدون قصد {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أي فليدع أهل ناديه وليستنصر بهم {سَنَدْعُ الزبانية} أي سندعوا خزنة جهنم، الملائكة الغلاظ الشداد، روي

«أن أبا جهل مرَّ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وهو يصلي عند المقام فقال: ألم أنهك عن هذا يا محمد {فأغلظ له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ القول، فقال أبو جهل: بأي شيء تهددني يا محمد} والله إِني لأكثر أهل الوادي هذا نادياً فأنزل الله {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزبانية} » قال ابن عباس: لو دعا نادية لأخته ملائكة العذاب من ساعته {كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ} أي ليرتدع هذا الفاجر، ولا تطعه يا محمد فيما دعاك إِليه من ترك الصلاة {واسجد واقترب} وأي وواظب على سجودك وصلاتك، وتقرَّب بذلك إِلى ربك وفي الحديث «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد» .

البَلاَغَة: تضمنت السورة الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

١ - الإِطناب بتكرار الفعل {اقرأ باسم رَبِّكَ. .} ثم قال: {اقرأ وَرَبُّكَ الأكرم} لمزيد الاهتمام بشأن القراءة والعلم.

٢ - الجناس الناقص بين {خَلَقَ} و {عَلَقٍ} .

٣ - طباق السلب {عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ} .

٤ - الكناية {أَرَأَيْتَ الذي ينهى عَبْداً} كنَّى بالعبد عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولم يقل: ينهاك تفخيماً لشأنه وتعظيماً لقدره.

٥ - الاستفهام للتعجيب من شأن الناهي {أَرَأَيْتَ الذي ينهى} ؟ {أَرَأَيْتَ إِن كَانَ على الهدى} ؟

٦ - المجاز العقلي {نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} أي كاذب صاحبها خاطىء فأسند الكذب إِليها مجازاً.

٧ - السجع المرصَّع مثل { {اقرأ باسم رَبِّكَ الذي خَلَقَ خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>