العبادة، ولغيره على وجه التكرمة كما سجدت الملائكة لآدم، ويعقوب وأبناؤه ليوسف.
الثانية: قال بعض العارفين: سابق العناية لا يؤثر فيه حدوث الجناية، ولا يحط عن رتبة الولاية، فمخالفة آدم التي أوجبت له الإِخراج من دار الكرامة لم تخرجه عن حظيرة القدس، ولم تسلبه رتبة الخلافة، بل أجزل الله له في العطية فقال
{ثُمَّ اجتباه رَبُّهُ}[طه: ١٢٢] وقال الشاعر:
وإِذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ ... جاءت محاسنة بألف شفيع
الثالثة: هل كان إِبليس من الملائكة؟ الجواب: اختلف المفسرون على قولين: ذهب بعضهم إِلى أنه من الملائكة بدليل الاستثناء {فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ} وقال آخرون: الاستثناء منقطع وإِبليس من الجن وليس من الملائكة وإِليه ذهب الحسن وقتادة واختاره الزمخشري، قال الحسن البصري: لم يكن إبليس من الملائكة طرفة عين، ونحن نرجح القول الثاني للأدلة الآتية: ١ - الملائكة منزهون عن المعصية {لاَّ يَعْصُونَ الله مَآ أَمَرَهُمْ}[التحريم: ٦] وإِبليس قد عصى أمر ربه ٢ - الملائكة خلقت من نور وإِبليس خلق من نار فطبيعتهما مختلفة ٣ - الملائكة لا ذرية لهم وإِبليس له ذرية {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي}[الكهف: ٥٠] ؟ ٤ - النص الصريح الواضح في سورة الكهف على أنه من الجن وهو قوله تعالى {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن فَفَسَقَ}[الآية: ٥٠] وكفى به حجة وبرهاناً.