للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُشْرِكُونَ} أي فلما غابت الشمس قال أنا بريء من إشراككم وأصنامكم قال أبو حيان: لّما أوضح لهم أن هذا الكوكب الذي رآه لايصلح أن يكون رباً ارتقب ما هو أنور منه وأضوأ فرأى القمر أول طلوعه، ثم لما غاب ارتقب الشمس إِذ كانت أنور من القمر وأضوأ، وأكبر جرماً وأعم نفعاً، فقال ذلك على سبيل الاحتجاج عليهم وبيّن أنها مساوية للنجم في صفة الحدوث وقال ابن كثير: والحق أن إبراهيم عليه السلام كان في هذا المقام مناظراً لقومه مبيناً لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الأصنام والكواكب السيارة وأشدهن إضاءة الشمس ثم القمر ثم الزهرة فلما انتفت الإِلهية عن هذه الأجرام الثلاثة التي هي أنور ما تقع عليه الأبصار وتحقق ذلك بالدليل القاطع {قَالَ ياقوم إِنِّي برياء مِّمَّا تُشْرِكُونَ} {إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} أي قصدت بعبادتي وتوحيدي {لِلَّذِي فَطَرَ السماوات والأرض} أي الله الذي اتبدع العالم وخلق السماوات والأرض {حَنِيفاً} أي مائلاً عن الأديان الباطلة إِلى الدين الحق {وَمَآ أَنَاْ مِنَ المشركين} أي لست ممن يعبد مع الله غيره {وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ} أي جادلوه وناظروه في شأن التوحيد قال ابن عباس: جادلوه في آلهتهم وخوّفوه بها فأجابهم منكراً عليهم {قَالَ أتحاجواني فِي الله} أي أتجادلونني في وجود الله ووحدانيته {وَقَدْ هَدَانِ} أي وقد بصّرني وهداني إِلى الحق {وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ} أي لا أخاف هذه الآلهة المزعومة التي تعبدونها من دون الله لأنها لا تضر ولا تنفع، ولا تُبصر ولا تسمع وليست قادرة على شيء مما تزعمون {إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً} أي إِلا إِذا أراد ربي أن يصيبني شيءٌ من المكروه فيكون {وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} أي أحاط علمه بجميع الأشياء {أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ} استفهام للتوبيخ أي أفلا تعتبرون وتتعظون؟ وفي هذا تنبيهٌ لهم على غفلتهم التامة حيث عبدوا ما لا يضر ولا ينفع وأشركوا مع ظهور الدلائل الساطعة على وحدانيته سبحانه {وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ} أي كيف أخاف آلهتكم التي أشركتموها مع الله في العبادة! {وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بالله مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً} أي وأنتم لا تخافون الله القادر على كل شيء الذي أشركتم به بدون حجة ولا برهان {فَأَيُّ الفريقين أَحَقُّ بالأمن إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} أي أيّنا أحقُّ بالأمن أنحن وقد عرفنا الله بأدلة وخصصناه بالعبادة أم أنتم وقد أشركتم معه الأصنام وكفرتم بالواحد الديان؟ {الذين آمَنُواْ وَلَمْ يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} أي لم يخلطوا إِيمانهم بشرك {أولئك لَهُمُ الأمن وَهُمْ مُّهْتَدُونَ} أي لهم الأمن من العذاب وهم على هداية ورشاد،

<<  <  ج: ص:  >  >>