للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ} أي سيصيب هؤلاء المجرمين الذل والهوان، والعذاب الشديد يوم القيامة بسبب استكبارهم ومكرهم المستمر قال في البحر: وقدَّم الصغار على العذاب لأنهم تمردوا عن اتباع الرسول وتكبّروا طلباً للعزّ والكرامة فقوبلوا بالهوان والذل أولاً ثم بالعقاب الشديد ثانياً {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} أي من شاء الله هدايته قذف في قلبه نوراً فينفسح له وينشرح وذاك علامة الهداية للإِسلام قال ابن عباس: معناه يوسّع قلبه للتوحيد والإِيمان، وحين سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن هذه الآية قال: إِذا دخل النور القلب انفسح وانشرح قالوا: فهل لذلك من أمارة يُعرف بها؟ قال: الإِنابة إِلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ} أي ومن يرد شقاوته وإِضلاله {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} أي يجعل صدره ضيّقاً شديد الضيق لا يتسع لشئ من الهدى، ولا يخلص إِليه شئ من الإِيمان قال عطاء: ليس للخير فيه منفذ {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السمآء} أي كأنما يحاول الصعود إِلى السماء ويزاول أمراً غير ممكن قال ابن جرير: وهذا مثلٌ ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة ضيقه عن وصول الإِيمان إِليه، مثلُ امتناعه من الصعود إِلى السماء وعجزه عنه لأنه ليس في وسعه {كذلك يَجْعَلُ الله الرجس عَلَى الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} أي مثل جعل صدر الكافر شديد الضيق كذلك يلقي الله العذاب والخذلان على الذين لا يؤمنون بآياته قال مجاهد: الرجسُ كل ما لا خير فيه وقال الزجاج: الرجس اللعنةُ في الدنيا والعذاب في الآخرة {وهذا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً} أي وهذا الدين الذي أنت عليه يا محمد هو الطريق المستقيم الذي لا عوج فيه فاستمسك {قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} أي بينا ووضحنا الآيات والبراهين لقوم يتدبرون بعقولهم {لَهُمْ دَارُ السلام عِندَ رَبِّهِمْ} أي لهؤلاء الذين يؤمنون ويعتبرون وينتفعون بالآيات دار السلام أي السلامة من المكاره وهي الجنة في نُزل الله وضيافته {وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي هو تعالى حافظهم وناصرهم ومؤيدهم جزاءً لأعمالهم الصالحة قال ابن كثير: وإِنما وصف تعالى الجنة هنا بدار السلام لسلامتهم فيما سلكوه من الصراط المستقيم، المقتفي أثر الأنبياء وطرائقهم، فكما سلموا من آفات الاعوجاج أفضوا إِلى دار السلام.

البَلاَغَة: ١ - {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ} التعرض لوصف الربوبية والإِضافة إِلى ضميره عليه السلام {رَبُّكَ} لتشريف مقامه وللمبالغة في اللطف في التسلية.

٢ - {الحق مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِّن الممترين} [آل عمران: ٦٠] الخطاب للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على طريق التهييج والإِلهاب.

٣ - {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ} أي تمَّ كلامه ووحيه أطلق الجزء وأراد الكل فهو مجاز مرسل.

٤ - {وَذَرُواْ ظَاهِرَ الإثم وَبَاطِنَهُ} بين لفظ {ظاهر} و {باطن} طباقٌ.

٥ - {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ} الموت والحياة، والنور والظلمة كلها من باب الاستعارة فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>