لِّذُكُورِنَا} هذا إِشارة إِلى نوع آخر من أنواع قبائحهم أي قالوا ما في بطون هذه البحائر والسوائب حلال لذكورنا خاصة {وَمُحَرَّمٌ على أَزْوَاجِنَا} أي لا تأكل منه الإِناث {وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ} أي وإِن كان هذا المولود منها ميتةً اشترك فيه الذكور والإِناث {سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ} أي سيجزيهم جزاء وصفهم الكذب على الله في التحليل والتحريم {إِنَّهُ حِكِيمٌ عَلِيمٌ} أي حكيمٌ في صنعه عليمٌ بخلقه {قَدْ خَسِرَ الذين قتلوا أَوْلاَدَهُمْ} أي والله لقد خسر هؤلاء السفهاء الذين قتلوا أولادهم قال الزمخشري: نزلت في ربيعة ومضر والعرب الذين كانوا يئدون بناتهم مخافة السبي والفقر {سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي جهالة وسفاهة لخفة عقلهم وجهلهم بأن الله هو الرازق لهم ولأولادهم {وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ الله} أي حرموا على أنفسهم البحيرة والسائبة وشبهها {افترآء عَلَى الله} أي كذباً واختلافاً على الله {قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} أي لقد ضلوا عن الطريق المستقيم بصنيعهم القبيح وما كانوا من الأصل مهتدين لسوء مسيرتهم، عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما قال: إِذا سرَّك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين والمائة من سورة الأنعام {قَدْ خَسِرَ الذين قتلوا أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ الله افترآء عَلَى الله قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ} .
البَلاَغَة: ١ - {قَدِ استكثرتم مِّنَ الإنس} أي أفرطتم في إِضلال وإِغواء الإِنس، ففيه إِيجاز بالحذف ومثله {استمتع بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} أي استمتع بعض الإِنس ببعض الجن، وبعضُ الجن ببعض الإِنس.
٢ - {النار مَثْوَاكُمْ} تعريف الطرفين لإِفادة الحصر.
٤ - {وَلِكُلٍّ} أي لكل من العاملين فالتنوين عوضٌ عن محذوف.
٥ - {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ} صيغة الاستقبال {تُوعَدُونَ} للدلالة على الاستمرار التجددى، ودخولُ إِنَّ واللام على الجملة للتأكيد لأن المخاطبين منكرون للبعث لذا أكّد الخبر بمؤكدين.
٦ - {مَا رَزَقَهُمُ الله افترآء عَلَى الله} إظهار الاسم الجليل في موضع الإِضمار لإِظهار كمال عتوهم وضلالهم أفاده أبو السعود.
الفوَائِد: الأولى: قال السيوطي في الإِكليل: قوله تعالى {وكذلك نُوَلِّي بَعْضَ الظالمين بَعْضاً} الآية في معنى حديث «كما تكونون يولَّى عليكم» وقال الفضيل بن عياض: إذا رأيتَ ظالماً ينتقم من ظالم فقف وانظر متعجباً.
الثانية: الجمهور على أن الرسل من الإِنس ولم يكن من الجن رسول وقوله تعالى {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ} هو من باب التغليب كقوله {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ}[الرحمن: ٢٢] وإنما يخرجان من البحر المالح دون العذب.