البَلاَغَة: ١ - {هُوَ أُذُنٌ} أصله هو كالأذن يسمع كل ما يقال له، فحذف منه أداة التشبيه ووجه الشبه فصار تشبيهاً بليغاً مثل زيد أسد.
٢ - {يُؤْذُونَ رَسُولَ الله} أبرز اسم الرسول ولم يأت به ضميراً {يُؤْذُونَه} تعظيماً لشأنه عليه السلام وجميعاً له بين الرتبتين العظيمتين «النبوة والرسالة» وإِضافته إِليه زيادة في التكريم والتشريف.
٣ - {ذلك الخزي العظيم} الإِشارة البعيدة عن القريب للإيذان ببعد درجته في الهول والفظاعة.
٤ - {وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} قبض اليد كناية عن الشح والبخل، كما أن بسطها كناية عن الجودة والكرم.
٥ - {نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ} من باب المشاكلة لأن الله لا ينسى أي تركوا طاعته فتركهم تعالى من رحمته.
٦ - {كالذين مِن قَبْلِكُمْ} إِلتفات من الغيبة إِلى الخطاب لزيادة التقريع والعتاب.
٧ - {فاستمتعوا بِخَلاقِهِمْ ... } الآية فيه إِطناب والغرض منه الذم والتوبيخ لاشتغالهم بالمتاع الخسيس، عن الشيء النفيس.
٨ - {وَمَا نقموا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ الله ... } في الآية تأكيد المدح بما يشبه الذم على حد قول القائل «ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم» البيت.
فَائِدَة: روى ابن كثير عن علي كرم الله وجهه قال: بُعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بأربعة أسياف: سيف للمشركين {قَاتِلُواْ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر. .}[التوبة: ٢٩] وسيف لأهل الكتاب {جَاهِدِ الكفار والمنافقين} وسيفٍ للمنافقين {جَاهِدِ الكفار والمنافقين} وسيف للبغاة {فَقَاتِلُواْ التي تَبْغِي حتى تفياء إلى أَمْرِ الله}[الحجرات: ٩] .
لطيفَة: قال الإِمام الفخر: لما وصف تعالى المؤمنين بكون بعضهم أولياء بعض، ذكر بعده خمسة أمور بها يتميز المؤمن، عن المنافق، فالمنافق يأمر بالمنكر، وينهى عن المعروف، ولا يقوم إِلى الصلاة إِلا بكسل، ويبخل بالزكاة وسائر الواجبات، وإِذا أُمر بالمسارعة إِلى الجهاد فإِنه يتخلف ويثبط غيره، والمؤمن بالضد منه فإِنه يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويؤدي الصلاة على الوجه الأكمل، ويؤتي الزكاة، ويسارع إِلى طاعة الله ورسوله، ولهذا قابل تعالى بين صفات المؤمنين، وصفات المنافقين بقوله {والمؤمنون والمؤمنات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بالمعروف وَيَنْهَوْنَ عَنِ المنكر وَيُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة وَيُطِيعُونَ الله وَرَسُولَهُ} كما يقابل في الجزاء بين نار جهنم والجنة فكانت مقابلة لطيفة.