للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الله، على غير أرحامٍ بيْنهم، ولا أموال يتعاطونها، فوالله إن وجوههم لنورٌ، وإنهم لعلى منابرَ من نور، لا يخافون إذا خاف الناسُ، ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ {ألا إِنَّ أَوْلِيَآءَ الله ... .} »

{لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة} أي لهم ما يسرهم في الدارين، حيث تبشرهم الملائكة عند الاحتضار برضوان الله ورحمته، وفي الآخرة بجنان النعيم والفوز العظيم كقوله {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: ٣٠] {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله} أي لا إخلاف لوعده {ذلك هُوَ الفوز العظيم} أي هو الفوز الذي لا فوز وراءه، والظفر بالمقصود الذي لا يُضاهى {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} أي لا يحزنك ولا يؤلمك يا محمد تكذيبهم لك وقولهم: لستَ نبياً مرسلاً، ثم ابتدأ تعالى فقال {إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً} أي القوة الكاملة، والغلبة الشاملة، لله وحده، فهو ناصرك ومانعك ومعينك، وهو المنفرد بالعزّة يمنحها أولياءه، ويمنعها أعداءه {هُوَ السميع العليم} أي السميع لأقوالهم، العليم بأعمالهم {ألا إِنَّ للَّهِ مَن فِي السماوات وَمَنْ فِي الأرض} أي الجميع له سبحانه عبيداً وملكاً وخلقاً {وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَآءَ} أي وما يتبع هؤلاء المشركون الذين يعبدون غير الله آلهة على الحقيقة، بل يظنون أنها تشفع أو تنفع، وهي لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} أي ما يتبعون إلا ظناً باطلاً {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام: ١١٦] أي يَحدْسون ويكذبون، يظنون الأوهام حقائق {هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} تنبيهٌ على القدرة الكاملة والمعنى من دلائل قدرته الدالة على وحدانيته، أن جعل لكم أيها الناس الليل راحةً لأبدانكم تستريحون فيه من التعب والنصب في طلب المعاش {والنهار مُبْصِراً} أي وجعل النهار مضيئاً تبصرون فيه الأشياء لتهتدوا إلى حوائجكم ومكاسبكم {إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} أي لعلامات ودلالات على وحدانيَّة الله، لقوم يسمعون سمع اعتبار، ثم نبّه تعالى على ضلال اليهود والنصارى والمشركين فقال {قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً} أي نسب اليهود والنصارى لله ولداً فقالوا: عزير ابن الله، والمسيح ابن الله، كما قال كفار مكة: الملائكة بناتُ الله {سُبْحَانَهُ هُوَ الغني} أي تنزَّه الله وتقدّس عما نسبوا إليه فإِنه المستغني عن جميع الخلق، فإن اتخاذ الولد إنما يكون للحاجة إليه، والله تعالى غير محتاج إلى شيء، فالولد منتفٍ عنه {لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} أي الجميع خلقه وملكه {إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بهاذآ} أي ما عندكم من حجة بهذا القول {أَتقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي أتفترون على الله وتكذبون بنسبه الشريك والولد؟ وهو توبيخ وتقريع على جهلهم.

{قُلْ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ} أي كل من كذب على الله لا يفوز ولا ينجح {مَتَاعٌ فِي الدنيا} أي متاعٌ قليل في الدنيا يتمتعون به مدة حياتهم {ثُمَّ إِلَيْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>