يانوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي قال له ربه: يا نوحُ إنَّ ولدك هذا ليس من أهلك الذين وعدتك بنجاتهم لأنه كافر ولا ولاية بين المؤمن والكافر {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} إي إنَّ عمله سيءٌ غير صالح {فَلاَ تَسْئَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} أي لا تطلب مني أمراً لا تعلم أصوابٌ هو أم غير صواب؟ {إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} أي إني أنبهك وأنصحك خشية أن تكون من الجاهلين قال في التسهيل: وليس في ذلك وصفٌ له بالجهل، بل فيه ملاطفةٌ وإكرام {قَالَ رَبِّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} أي قال نوح معتذراً إلى ربه عمّا صدر عنه: ربّ إني أستجير بك من أن أسألك أمراً لا يليق بي سؤاله {وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وترحمني أَكُن مِّنَ الخاسرين} أي وإلا تغفر لي زلتي، وتتداركني برحمتك، أكنْ ممن خسر آخرته وسعادته {قِيلَ يانوح اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا} أي اهبط من السفينة بسلامة وأمن {وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ} أي وخيرات عظيمة عليك وعلى ذرية من معك من أهل السفينة، قال القرطبي: دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} أي وأمم أخرى من ذرية من معك نمتعهم متاع الحياة الدنيا وهم الكفرة المجرمون {ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي ثم نذيقهم في الآخرة العذاب الأليم وهو عذاب جهنم {تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب} أي هذه القصة وأشباهها من أخبار الغيوب السالفة التي لم تشهدها {نُوحِيهَآ إِلَيْكَ} أي نعلمك بها يا محمد بواسطة الوحي {مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذا} أي لم يكن عندك ولا عند أحدٍ من قومك علمٌ بها من قبل هذا القرآن {فاصبر إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ} أي فاصبر على أمر الله بتبليغ الدعوة كما صبر نوح، فإن العاقبة المحمودة لمن اتقى الله، وفيه تسلية له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على أذى المشركين.
البَلاَغَة: ١ - {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} شبّه الذي لا يهتدي بالحجة لخفائها عليه، بمن سلك مفازةً لا يعرف طرقها ومسالكها، واتبع دليلاً أعمى فيها على سبيل الاستعارة التمثيلية.
٣ - {فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ} الأمر يراد به التهكم والاستهزاء.
٤ - {فَعَلَيَّ إِجْرَامِي} مجاز بالحذف أي عقوبة إجرامي وجاء ب {إِنِ} الدالة على الشك لبيان أنه على سبيل الفرض {إِنِ افتريته} بخلاف إجرامهم فإنه محقّق {وَأَنَاْ برياء مِّمَّا تُجْرِمُونَ} .
٥ - {واصنع الفلك بِأَعْيُنِنَا} الأعين كناية عن الرعاية والحفظ يقال للمسافر «صحبتك عين الله» أي رعاية الله وحفظه.
٦ - {ياأرض ابلعي مَآءَكِ وياسمآء أَقْلِعِي} بين الأرض والسماء طباقٌ، وبين ابلعي وأقعلي جناسٌ ناقص، وكلاهما من المحسنات البديعية.
فَائِدَة: قال ابن عباس في قوله تعالى {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} كان ابنه من صلبه، ولكنه لم يكن