أُرسلنا لإِهلاك قوم لوط {وامرأته قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ} أي وامرأة إبراهيم واسمها «سارة» قائمة وراء الستر تسمع كلامهم فضحكت استبشاراً بهلاك قوم لوط {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} أي بشرتها الملائكة بإِسحاق ولداً لها ويأتيه مولودٌ هو يعقوب ابناً لولدها {قَالَتْ ياويلتى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً} أي قالت سارة متعجبة: يا لهفي ويا عجيب أألد وأنا امرأة مسنّة وهذا زوجي إبراهيم شيخ هرم أيضاً فكيف يأتينا الولد؟ {إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} أي إن هذا الأمر لشيء غريب لم تجر به العادة قال مجاهد: كانت يومئذٍ ابنة تسع وتسعين سنة، وإبراهيم ابن مائة وعشرين سنة {قالوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله} أي أتعجبين من قدرة الله وحكمته في خلق الولد من زوجين هرمين؟ ليس هذا بمكان عجب على قدرة الله {رَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البيت} أي رحمكم الله وبارك فيكم يا أهل بيت إِبراهيم {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} إي إنه تعالى محمود ممجدّ في صفاته وذاته، مستحقٌ للحمد والتمجيد من عباده، وهو تعليل بديع لما سبق من البشارة.
البَلاَغَة: ١ - {يُرْسِلِ السمآء عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً} المراد بالسماء المطر فهو مجاز مرسل لأن المطر ينزل من السماء ولفظ «مدراراً» للمبالغة أي كثير الدر.
٢ - {فَكِيدُونِي جَمِيعاً} أمرٌ بمعنى التعجيز.
٣ - {مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ} استعارة تمثيلية شبّه الخلق وهم في قبضة الله وملكه وتحت قهره وسلطانه بالمالك الذي يقود المقدور عليه بناصيته كما يقاد الأسير والفرس بناصيته.
٤ - {إِنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} استعارة لطيفة عن كمال العدل في ملكه تعالى فهو مطلع على أمور العباد لا يفوته ظالمن ولا يضيع عنده معتصم به.
٥ - {وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا} الأمر كناية عن العذاب.
٦ - {نَجَّيْنَا هُوداً ... وَنَجَّيْنَاهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} التكرار في لفظ الإِنجاء لبيان أن الأمر شديد عظيم لا سهل يسير، ويسمى هذا الإطناب.
٧ - {وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ} أي عصوا رسولهم هوداً وفيه تفظيع لحالهم وبيان أن عصيانهم له عصيانٌ لجميع الرسل السابقين واللاحقين، وهو مجاز مرسل من باب إطلاق الكل وإرادة البعض.
٨ - {ألا إِنَّ عَاداً ... أَلاَ بُعْداً لِّعَادٍ} تكرير حرف التنبيه وإعادة لفظ «عاد» للمبالغة في تهويل حالهم.
تنبيه: لم يقل هود عليه السلام: إني أُشهد الله وأشهدكم وإِنما قال: {إني أُشْهِدُ الله واشهدوا أَنِّي برياء مِّمَّا تُشْرِكُونَ} وذلك لئلا يفيد التشريك بين الشهادتين والتسوية بينهما، فأين شهادة الله العلي الكبير من شهادة العبد الحقير؟!