للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتسعين، وولد له إِسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدعآء} أي مجيبٌ لدعاء من دعاه {رَبِّ اجعلني مُقِيمَ الصلاة وَمِن ذُرِّيَتِي} هذه هي الدعوة السادسة من دعوات الخليل عليه السلام أي يا رب اجعلني ممن حافظ على الصلاة واجعل من ذريتي من يقيمها أيضاً، وهذه خير دعوةٍ يدعوها المؤمن لأولاده فلا أحبَّ له من أن يكون مقيماً للصلاة هو وذريته لأنهما عماد الدين {رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَآءِ} أي تقبَّلْ واستجبْ دعائي فيما دعوتك به {رَبَّنَا اغفر لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الحساب} هذه هي الدعوة السابعة وبها ختم إِبراهيم دعاءه الضارع الخاشع بالاستغفار له ولوالديه ولجميع المؤمنين، يوم يقوم الناس لرب العالمين قال المفسرون: استغفر لوالديه قبل أن يتبيَّن له أنَّ أباه عدوٌ لله قال القشيري: ولا يبعد أن تكون أمه مسلمة لأن الله ذكر عذره في استغفاره لأبيه دون أمه.

. وينتقل السياق إلى مشاهد القيامة وما فيها من الأهوال حين تزلزل القلوب والأقدام {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الله غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظالمون} أي لا تظننَّ يا محمد أنَّ الله ساهٍ عن أفعال الظلمة، فإن سنة الله إمهال العصاة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر، قال ميمون بن مِهْران: هذا وعيدٌ للظالم، وتعزيةٌ للمظلوم {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار} أي إِنما يؤخرهم ليومٍ رهيب عصيب، تَشْخص فيه الأبصار من الفزع والهَلع، فتظلُّ مفتوحة مبهوتة لا تطرف ولا تتحرك قال أبو السعود: تبقى أبصارهم مفتوحة لا تتحرك أجفانهم من هول ما يرونه {مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} أي مسرعين لا يلتفتون إلى شيء رافعين رءوسهم مع إدامة النظر قال الحسن: وجوه الناس يومئذٍ إِلى السماء لا ينظر أحدٌ إلى أحد {لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ} أي لا يطرفون بعيونهم من الخوف والجزع {وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ} أي قلوبهم خالية من العقل لشدة الفزع {وَأَنذِرِ الناس يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العذاب} أي خوّف يا محمد الكفار من هول يوم القيامة حين يأتيهم العذاب الشديد {فَيَقُولُ الذين ظلموا رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إلى أَجَلٍ قَرِيبٍ} أي فيتوجه الظالمون يومئذٍ إلى الله بالرجاء يقولون يا ربنا أمهلنا إلى زمنٍ قريب لنستدرك ما فات {نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرسل} أي نجب دعوتك لنا إِلى الإِيمان ونتّبع رسلك فيما جاءونا به {أَوَلَمْ تكونوا أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ} أي يقال لهم توبيخاً وتبكيتاً: ألم تحلفوا أنكم باقون في الدنيا لا تنتقلون إلى دار أخرى؟ والمراد إِنكارهم للبعث والنشور {وَسَكَنتُمْ فِي مساكن الذين ظلموا أَنفُسَهُمْ} أي سكنتم في ديار الظالمين بعد أن أهلكناهم، فهلاَّ اعتبرتم بمساكنهم؟ {وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ} أي تبيَّن لكم بالإِخبار والمشاهدة كيف أهلكناهم، وانتقمنا منهم {وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال} أي بينا لكم الأمثال في الدنيا فلم تعتبروا {وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ} أي مكر المشركون بالرسول وبالمؤمنين حين أرادوا قتله {وَعِندَ الله مَكْرُهُمْ} أي وعند الله جزاء هذا المكر فإنه محيط بهم وبمكرهم {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجبال} أي وإن كان مكرهم من القوة والتأثير حتى ليؤدي إلى زوال الجبال ولكنَّ الله عصَم ووقى منه {فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} أي لا تظننَّ أيها المخاطب أن الله يخلف رسله ما وعدهم به من النصر وأخذ الظالمين المكذبين {إِنَّ الله

<<  <  ج: ص:  >  >>