للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قميصٍ أو درعٍ فهو سربال.

التفسِير: {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً} هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لنفسه وللأصنام التي أشركوها مع الله جل وعلا أي مثلُ هؤلاء في إشراكهم مثلُ من سوَّى بين عبدٍ مملوكٍ عاجزٍ عن التصرف، وبين حرٍّ مالك يتصرف في أمره كيف يشاء، مع أنهما سيّان في البشرية والمخلوقية لله سبحانه وتعالى، فما الظنُّ بربِّ العالمين حيث يشركون به أعجز المخلوقات؟ {فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً} أي ينفق ماله في الخفاء والعلانية ابتغاء وجه الله {هَلْ يَسْتَوُونَ} ؟ أي هل يستوي العبيد والأحرار الذين ضُرب لهم المثل، فالأصنام كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شيء، والله تعالى له المُلك، وبيده الرزق، وهو المتصرف في الكون كيف يشاء، فيكف يُسوَّى بينه وبين الأصنام؟ {الحمد لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أي شكراً للهِ على بيان هذا المثال ووضوح الحق فقد ظهرت الحجة مثل الشمس الساطعة، ولكنَّ المشركين بسفههم وجهلهم يسوّون بين الخالق والمخلوق، والمالِ والمملوك {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَآ أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ على شَيْءٍ} هذا هو المثل الثاني للتفريق بين الإِله الحق والأصنام الباطلة قال مجاهد: هذا مثلٌ مضروبٌ للوثن والحقّ تعالى، فالوثنُ أبكم لا يتكلم ولا ينطق بخير، ولا يقدر على شيء بالكلية لأنه إما حجرٌ أو شجر، {وَهُوَ كَلٌّ على مَوْلاهُ} أي ثقيل عالة على وليِّه أو سيده {أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ} أي حيثما أرسله سيده لم ينجح في مسعاه لأنه أخرس، بليد، ضعيف {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل وَهُوَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} أي هل يتساوى هذا الأخرس، وذلك الرجل البليغ المتكلم بأفصح بيان، وهو على طريق الحق والاستقامة، مستنيرٌ بنور القرآن؟ وإِذا كان العاقل لا يسوّي بين هذين الرجلين، فكيف تمكن التسوية بين صنم أو حجر، وبين الله سبحانه وهو القادر العليم، الهادي إلى الصراط المستقيم؟ {وَلِلَّهِ غَيْبُ السماوات والأرض} أي هو سبحانه المختص بعلم الغيب، يعلم ما غاب عن الأبصار في السماوات والأرض {وَمَآ أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} أي ما شأن الساعة في سرعة المجيء إلا كنظرة سريعة بطرف العين، بل هو أقرب لأنه تعالى يقول للشيء: كن فيكون، وهذا تمثيل لسرعة مجيئها ولذلك قال {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي قادرٌ على كل الأشياء ومن جملتها القيامة التي يكذب بها الكافرون {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً} أي أخرجكم من أرحام الأمهات لا تعرفون شيئاً أصلاً {وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي خلق لكم الحواس التي بها تسمعون وتبصرون

<<  <  ج: ص:  >  >>