للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدروع بإِلانةِ الحديد له قال قتادة: أول من صنع الدروع داود وكانت صفائح فهو أول من سردها وحلَّقها {لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ} أي لتقيكم في القتال شرٌ الأعداء {فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ} استفهامٌ يراد به الأمر أي اشكروا الله على ما أنعم به عليكم، ولما ذكر تعالى ما خصَّ به نبيه داود عليه السلام ذكر ما خصَّ به ابنه سليمان فقال {وَلِسُلَيْمَانَ الريح عَاصِفَةً} أي وسخرنا لسليمان الريح عاصفةً أي شديدة الهبوب {تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأرض التي بَارَكْنَا فِيهَا} أي تسير بمشيئته وإرادته إلى أرض الشام المباركة بكثرة الأشجار والأنهار والثمار، وكانت مسكنه ومقر ملكه {وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} أي وكنا عالمين بجميع الأمور فما أعطيناه تلك المكانة إِلا لما نعلمه من الحكمة {وَمِنَ الشياطين مَن يَغُوصُونَ لَهُ} أي وسخرنا لسليمان بعض الشياطين يغوصون في الماء ويدخلون أعماق البحار ليستخرجوا له الجواهر واللآلئ {وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلك} أي ويعملون أعمالاً أخرى سوى الغوص كبناء المدن والقصور الشاهقة والأمور التي يعجز عنها البشر {وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ} أي نحفظهم عن الزيغ عن أمره أو الخروج عن طاعته.

البَلاَغَة: تضمنت الآيات من وجوه الفصاحة والبديع ما يلي:

١ - الاستعارة اللطيفة {ثُمَّ نُكِسُواْ على رُءُوسِهِمْ} شبه رجوعهم عن الحق إلى الباطل بانقلاب الشخص حتى يصبح أسفله أعلاه بطريق الاستعارة.

٢ - الطباق بين {يَنفَعُكُمْ. . ويَضُرُّكُمْ} .

٣ - المبالغة {كُونِي بَرْداً} أطلق المصدر وأراد اسم الفاع ل أي باردة أو ذات برد.

٤ - عطف الخاص على العام {فِعْلَ الخيرات وَإِقَامَ الصلاة وَإِيتَآءَ الزكاة} لأن الصلاة والزكاة من فعل الخيرات وإِنما خصهما بالذكر تنبيهاً لعلو شأنهما وفضلهما.

٥ - الاحتراس {وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} دفعاً لتوهم انتقاص مقام داود عليه السلام.

٦ - المجاز المرسل {وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ} أي في الجنة لأنها مكان تنزل الرحمة فالعلاقة المحلية.

٧ - السجع غير المتكلف {العَابِدِينَ الصابرين، الصالحين} الخ.

تنبيه: وصف تعالى الريح هاهنا بقوله {عَاصِفَةً} ووصفها في مكان آخر بقوله {رُخَآءً} [ص: ٣٦] والعاصفة هي الشديدة، والرخاء هي اللَّينة، ولا تعارض بين الوصفين لأن الريح كانت ليّنة طيبة وكانت تسرع في جريها كالعاصف فجمعت الوصفين فتدبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>