المنتسبون إلى ملة عيسى عليه السلام {والمجوس} هم عبدة النيران {والذين أشركوا} هم العرب عبدة الأوثان {إِنَّ الله يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة} أي يقضي بين المؤمنين وبين الفرق الخمسة الصالة فيدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار {إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} أي شاهد على أعمال خلقه عالم بكل ما يعملون {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض} أي يسجد لعظمته كل شيء طوعاً وكرهاً، الملائكة في أقطار السماوات، والإِنس والجن وسائر المخلوقات في العالم الأرضي {والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوآب} أي وهذه الأجرام العظمى مع سائر الجبال والأشجار والحيوانات تسجد لعظمته سجود انقياد وخضوع، قال ابن كثير: وخص الشمس والقمر والنجوم بالذكر لأنها قد عبدت من دون الله، فبيّن أنها تسجد لخالقها وأنها مربوبة مسخرة.
والغرض من الآية: بيان عظمته تعالى وانفراده بألوهيته وربوبيته بانقياد هذه العوالم العظمى له وجريها على وفق أمره وتدبيره {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} أي وكثير من الناس وجب له العذاب بكفره واستعصائه {وَمَن يُهِنِ الله فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} أي من اهانه الله بالشقاء والكفر فلا يقدر أحد على دفع الهوان عنه {إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ} أي يعذب ويرحم، ويعز ويذل، ويُغني ويُفقِر، ولا اعتراض لأحد عليه.
البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:
١ - التشبيه البليغ المؤكد {وَتَرَى الناس سكارى} أي كالسكارى من شدة الهول، حذفت أداة التشبيه والشبه.
٢ - الاستعارة {شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ} استعار لفظ الشيطان لكل طاغية متمرد على أمر الله
٣ - الطباق بين {يُضِلُّهُ. . وَيَهْدِيهِ} .
٤ - أسلوب التهكم {وَيَهْدِيهِ إلى عَذَابِ السعير} .
٥ - طباق السلب {مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} .
٦ - الاستعارة اللطيفة {فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ} شبه الأرض بنائم لا حركة له ثم يتحرك وينتعش وتدب فيه الحياة بنزول المطر عليه ففيها استعارة تبعية.
٧ - الكناية {ثَانِيَ عِطْفِهِ} كناية عن التكبر والخيلاء.
٨ - المجاز المرسل {بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ} علاقته السببية لأن اليد هي التي تفعل الخير أو الشر.
٩ - الاستعارة التمثيلية {مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ} مثل للمنافقين وما هم فيه من قلق واضطراب في دينهم بمن يقف على شفا الهاوية يريد العبادة والصلاة، ويا له من تمثيل رائع!
١٠ - المقابلة البديعة بين {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ. . وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ} .
١١ - الطباق بين {يَضُرُّهُ. . ويَنفَعُهُ} وبين {يُهِنِ. . فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} .
١٢ - السجع اللطيف بين كثير من الآيات.
فَائِدَة: المُرضع التي شأنها أن ترضع، ولامرضعة هي التي في حال الإِرضاع ملقمة ثديها