للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبنيه أي تلك جماعة وجيل قد سلف ومضى {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَّا كَسَبْتُمْ} أي لها ثواب ما كسبت ولكم ثواب ما كسبتم {وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} أي لا تسألون يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا بل كل نفسٍ تتحمل وحدها تبعة ما اكتسبت من سوء.

البَلاَغَة: ١ - {وَمَن يَرْغَبُ} استفهام يراد به الإِنكار والتقريع، وقع فيه معنى النفي أي لا يرغب عن ملة إبراهيم إِلا السفيه والجملة واردة مورد التوبيخ للكافرين.

٢ - التأكيد ب «إِنَّ» و «اللام» {وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ الصالحين} لأنه لما كان إِخباراً عن حالة مغيبة في الآخرة احتاجت إِلى تأكيد بخلاف حال الدنيا فإِنه معلوم ومشاهد.

٣ - {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} هو من باب الالتفات إِذ السياق {إِذْ قَالَ} والالتفات من محاسن البيان، والتعرض بعنوان الربوبية {رَبُّهُ} لإِظهار مزيد اللطف والإعتناء بتربيته كما أن جواب إِبراهيم جاء على هذا المنوال {أَسْلَمْتُ لِرَبِّ العالمين} ولم يقل: أسلمت لك للإِيدان بكمال قوة إِسلامه وللإِشارة إِلى أن من كان رباً للعالمين لا يليق إِلا أن يُتلقّى أمرُه بالخضوع وحسن الطاعة.

٤ - قوله {آبَائِكَ} شمل العم والأب والجد، فالجد إبراهيم والعم إِسماعيل والأب إِسحاق وهو من باب «التغليب» وهو من المجازات المعهودة في فصيح الكلام.

فَائِدَة: قال أبو حيان: «كنّى بالموت عن مقدماته لأنه إِذا حضر الموت نفسُه لا يقول المحتضر شيئاً، وفي قوله {حَضَرَ الموتُ} كناية غريبة وهو أنه غائب ولا بدّ أن يقدم ولذلك يقال في الدعاء: واجعل الموت خير غائب ننتظره» .

تنبيه: ظاهر قوله تعالى {فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ} النهي عن الموت إِلا على هذه الحالة من الإِسلام، والمقصود الأمر بالثبات على الإِسلام إِلى حين الموت، أي فاثبتوا على الإِسلام ولا تفارقوه أبداً واستقيموا على محجته البيضاء حتى يدرككم الموت وأنتم على الإِسلام الكامل كقولك لا تصلّ إِلا وأنت خاشع.

<<  <  ج: ص:  >  >>