للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بتزيين الكفر لقومه وإلقائه في نفوسهم مخالفةً لأمر الرسول وكأنَّ الآية تسلية للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ تقول له: لا تحزن يا محمد على معاداة قومك لك فهذه سنة المرسلين {فَيَنسَخُ الله مَا يُلْقِي الشيطان} أي يزيل ويبطل الله ما يلقيه الشيطان من الوساوس والأوهام {ثُمَّ يُحْكِمُ الله آيَاتِهِ} أي يثبت في نفس الرسول آياته الدالة على الوحدانية والرسالة {والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أي مبالغٌ في العلم حكيم يضع الأشياء في مواضعها قال أبو السعود: وفي الآية دلالة على جواز السهو من الأنبياء عليهم السلام، وتطرق الورسوسة إليهم {لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشيطان} أي ليجعل تلك الشبه والوساوس التي يلقيها الشيطان {فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ} أي فتنة للمنافقين الذين في قلوبهم شك وارتياب {والقاسية قُلُوبُهُمْ} أي وفتنةً لكلافرين الذين لا تلين قلوبهم لذكر الله، وهم خواص من الكفار عتاةٌ كأبي جهل، والنضر، وعتبه {وَإِنَّ الظالمين لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي وإن هؤلاء المذكورين من المنافقين والمشركين لفي عداوة شديدة لله ولرسوله، ووصف الشقاق بلفظ {بَعِيدٍ} لأنه في غاية الضلال والبعدِ عن الخير {وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم أَنَّهُ الحق مِن رَّبِّكَ} أي وليعلم أهل العلم أن القرآن هو الحق النازل من عند الله تعالى {فَيُؤْمِنُواْ بِهِ} أي يؤمنوا بهذا القرآن {فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ} أي تخشع وتسكن له قلوبهم بخلاف من في قلبه مرض {وَإِنَّ الله لَهَادِ الذين آمنوا إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} أي مرشد المؤمنين إلى الصراط المستقيم ومنقذهم من الضلالة والغواية {وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ} أي ولا يزال هؤلاء المشركون في شك وريب من هذا القرآن {حتى تَأْتِيَهُمُ الساعة بَغْتَةً} أي حتى تأتيهم الساعة فجأة دون أن يشعروا قال قتادة: ما أخذ الله قوماً قطُّ إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم فلا تغتروا بالله إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} أي أو يأتيهم عذاب يوم القيمة وسمي عقيماً لأنه لا يوم بعده قال أبو السعود: كأنَّ كل يوم يلد ما بعده من الأيام، فما لا يوم بعده يكون عقيماً، والمراد به الساعة أيضاً كأ نه قيل: أو يأتيهم عذابها، ووضع ذلك موضع الضمير لمزيد التهويل {الملك يَوْمَئِذٍ للَّهِ} أي الملك يوم القيامة لله وحده لا منازع له فيه ولا مدافع {يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} أي يفصل بين عباده بالعدل، فيدخل المؤمنين الجنة والكافرين النار

<<  <  ج: ص:  >  >>