للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جِهَادِهِ} أي جاهدوا بأموالكم وأنفسكم لإِعلاء كلمة الله حقَّ الجهاد باستفراغ الوسع والطاقة {هُوَ اجتباكم} أي هو اختاركم من بين الأمم لنصرة دينه، وخصكم بأكمل شرع وأكرم رسول {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدين مِنْ حَرَجٍ} أي وما جعل عليكم في هذا الدين من ضيق ولا مشقة، ولا كلفكم مالا تطيقون بل هي الحنيفية السمحة ولهذا قال {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} أي دينكم الذي لا حرج فيه هو دين ابراهيم فالزموه لأنه الدين القيم كقوله

{دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [الأنعام: ١٦١] {هُوَ سَمَّاكُمُ المسلمين مِن قَبْلُ وَفِي هذا} أي الله سماكم المسلمين في الكتب المتقدمة وفي هذا القرآن، ورضي لكم الإِسلام ديناً قال الإِمام الفخر: المعنى انه سبحانه في سائر المتقدمة على القرآن، بيَّن فضلكم على الأمم وسمَّاكم بهذا الاسم الأكرم، لأجل الشهادة المذكورة، فلما خصكم بهذه الكرامة فاعبدوه ولا تردوا تكاليفه {لِيَكُونَ الرسول شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس} أي ليشهد عليكم الرسول بتبليغه الرسالة لكم وتشهدوا أنتم على الخلائق أنَّ رسلهم قد بلَّغتهم {فَأَقِيمُواْ الصلاة وَآتُواْ الزكاة} أي وإذْ قد اختاركم الله لهذه المرتبة الجليلة فاشكروا الله على نعمته بأداء الصلاة ودفع الزكاة {واعتصموا بالله} أي استمسكوا بحبله المتين وثقوا واستعينوا بالله في جميع أموركم {هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ المولى وَنِعْمَ النصير} أي نعم هو تعالى الناصر والمعين.

البَلاَغَة: تضمنت الآيات الكريمة وجوهاً من البيان والبديع نوجزها فيما يلي:

١ - الامتنان بتعداد النعم {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الأرض والفلك تَجْرِي. .} الخ وكذلك الاستفهام الذي يفيد التقرير.

٢ - الطباق {يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} .

٣ - صيغة المبالغة {إِنَّ الإنسان لَكَفُورٌ} أي مبالغ في الجحود.

٤ - النهي الذي يراد منه الشيء {فَلاَ يُنَازِعُنَّكَ} أي لا ينبغي لهم منازعتك فقد ظهر الحق وبان.

٥ - الاستعارة اللطيفة {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الذين كَفَرُواْ المنكر} أي تستدل من وجوههم على المكروه وإرادة الفعل القبيح مثل قولهم: عرفت في وجه فلان الشر.

٦ - التمثيل الرائع {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً} أي مثل الكفار في عبادتهم لغير الله كمثل الأصنام التي لا تستطيع أن تخلق ذبابة واحدة قال الزمخشري: سميت القصة الرائقة المتلقاة بالاستحسان مثلاً تشبيهاً لها ببعض الأمثال.

٧ - المجاز المرسل {اركعوا واسجدوا} من إطلاق الجزء على الكل أي صلوا لأن الركوع والسجود من اركان الصلاة.

٨ - ذكر العام بعد الخاص لإِفادة العموم مع العناية بشأن الخاص {اركعوا واسجدوا وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وافعلوا الخير} بدأ بخاص، ثم بعام، ثم بأعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>