للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعظاماً بالية؟ {أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ} أي أنكم ستخرجون أحياء من قبوركم وكرَّر لفظ {أَنَّكُمْ} تأكيداً لأنه لمّا طال الكلام حسن التكرار {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ} أي بعد بعُد هذا الذي توعدونه من الإِخراج من القبور، وغرضهم بهذا الاستبعاد انه لا يكون أبداً {إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا} أي لا حياة إِلا هذه الحياة الدنيا {نَمُوتُ وَنَحْيَا} أي يموتُ بعضنا ويُولد بعضنا إِلى انقراض العصر {وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} أي لا بعث ولا نشور {إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افترى على الله كَذِباً} أي ما هو إِلا رجل كاذب يكذب على الله فيما جاءكم به من الرسالة، والإِخبار بالمعاد {وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} أي ولسنا له بمصدقين فيما يقوله {قَالَ رَبِّ انصرني بِمَا كَذَّبُونِ} لما يئس نبيُّهم من إِيمانهم ورأى إِصرارهم على الكفر دعا عليهم بالهلاك والمعنى ربّ انصرني عليهم بسبب تكذيبهم إِياي {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} أي قريب من الزمان سيصيرون نادمين على كفرهم {فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة بالحق} أي أخذتهم صيحة العذاب المدمر عدلاً من الله لا ظلماً {فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَآءً} أي هلكى كغثاء السيل قال المفسرون: صاح بهم جبريل صيحة رجفت لها الأرض من تحتهم فصاروا لشدتها غثاءً كغثاء السيل وهو الشيء التافه الحقير الذي لا ينتفع منه بشيء {فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظالمين} أي فسحقاً وهلاكاً لهمم وظلمهم، وهي جملة دعائية كأنه قال: بعداً لهم من رحمة الله وهلاكاً ودماراً لهم {ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قُرُوناً آخَرِينَ} أي أوجدنا من بعد هلاك هؤلاء أمماً وخلائق أخرين كقوم صالح وإِبراهيم وقوم لوط وشعيب قال ابن عباس: هم بنو إِسرائيل، وفي الكلام حذفٌ تقديره: فكذبوا أنبياءهم فأهلكناهم دلَّ عليه قوله {مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ} أي ما تتقدم أمةٌ من الأمم المهلكة عن الوقت الذي عُيّن لهلاكهم ولا تتأهر عنه {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} أي بعثنا الرسل متتالين واحداً بعد واحد قال ابن عباس: يتبع بعضهم بعضاً {كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ} تشنيع عليهم بكمال ضلالهم أي أنهم سلكوا في تكذيب أنبيائهم مسلك من سبقهم من الضالين المكذبين ولهذا قال {فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضاً} أي ألحقنا بعضهم في إِثر بعض بالهلاك والدمار {وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ} أي أخباراً تُروى وأحاديث تُذكر، يتحدث الناس بما جرى عليهم تعجباً وتسلية {فَبُعْداً لِّقَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} أي فهلاكاً ودماراً لقومٍ لا يصدّقون الله ورسله {ثُمَّ أَرْسَلْنَا موسى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا} أي أرسلناهما بآياتنا البينات قال ابن عباس: هي الآيات التسع «العصا، اليد، الجراد» الخ {وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} أي وحجة واضحة ملزمة للخصم {إلى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} أي أرسلناهما إلى فرعون الطاغية وأشراف قومه المتكبرين {فاستكبروا} أي عن الإِيمان بالله وعبادته {وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ} أي متكبرين متمردين، قاهرين لغيرهم بالظلم {فقالوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} أي أنصدق رجلين مثلنا ونتَّبعهما؟ {وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ} أي والحال أن قوم موسى وهارون منقادون لنا كالخدم والعبيد؟ {فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ المهلكين} أي فكذبوا رسولينا فكانوا من المغرقين في البحر {وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} أي أعطينا موسى التوراة بعد غرق فرعون وملائه ليهتدي بها بنوا إِسرائيل {وَجَعَلْنَا ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} أي وجعلنا قصة مريم وابنها عيسى معجزةً عظيمة تدل على كمال قدرتنا {وَآوَيْنَاهُمَآ إلى رَبْوَةٍ} أي وجعلنا منزلهما ومأواهما إِلى مكانٍ مرتفع من أرض بيت المقدس قال ابن عباس: الربوة المكان المرتفع من الأرض، وهو أحسن ما يكون فيه النبات {ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} أي مستوية يستقر

<<  <  ج: ص:  >  >>