للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} أي أخرجنا فرعون وقومه من بساتين كانت لهم وأنهار جارية {وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} أي وأخرجناهم من الأموال التي كنزوها من الذهب والفضة، ومن المنازل الحسنة والمجالس البهية {كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بني إِسْرَائِيلَ} أي مثل ذلك الإِخراج الذي وضعناه فعلنا بهم، وأورثنا بني إسرائيل ديارهم وأموالهم بعد إغراق فرعون وقومه {فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ} أي فلحقوهم وقت شروق الشمس {فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان} أي فلما رأى كلٌّ منهما اللآخر، والمراد جمعُ موسى وجمع فرعون {قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} إي مُلحقون يلحقنا فرعون وجنوده فيقتلوننا، قالوا ذلك حين رأوا فرعون الجبار وجنوده وراءهم، والبحر أمامهم، وساءت ظنُونُهم {قَالَ كَلاَّ} أي قال موسى كلاَّ لن يدركوكم فارتدعوا عن مثل هذا الكلام وانزجروا {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} إنَّ ربي معي بالحفظ والنصرة، وسيهديني إلى طريق النجاة والخلاص قال الرازي: قوَّى نفوسهم بأمرين: أحدهما أن ربه معه وهذا دلالة النصرة والتكفل بالمعونة والثاني قوله {سَيَهْدِينِ} أي إلأى طريق النجاة والخلاص، وإِذا دلَّه على طريق نجاته وهلاك أعدائه فقد بلغ النهاية في النصرة {فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر} أي أمرنا موسى بطريق الوحي أن يضرب البحر بعصاه {فانفلق} أي فضربه فانشق وانفلق {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم} أي فكان كل جزء منه كالجبل الشامخ الثابت قال ابن عباس: صار فيه اثنا عشر طريقاً لكل سبطٍ منهم طريق {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرين} أي وقربنا هناك فرعون وجماعته حتى دخلوا البحر على إثر دخول بني إسرائيل {وَأَنجَيْنَا موسى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ} أي أندينا موسى والمؤمنين معه جميعاً {ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخرين} أي أغرقنا فرعون وقومه قال المفسرون: لما انفلق البحر جعله الله يبَساً لموسى وقومه، وصار في اثنا عشر طريقاً ووقف الماء بينها كالطود العظيم، فلما خرج أصحاب موسى وتكامل دخول أصحاب فرعون أمر الله البحر أن يطبق عليهم فغرقوا فيه، فقال بعض أصحاب موسى: ما غرق فرعون! فبذ على ساحل البحر حتى نظروا إليه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إنَّ في إغراق فرعون وقومه لعبرة عظيمة على إِنجاء الله لأوليائه، وإِهلاكه لأعدائه {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} أي ومع مشاهدة هذه الآية العظمى لم يؤمن أكثر البشر، وفيه تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ووعيدٌ لمن عصاه {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} أي المنتقم من أعدائه الرحيم بأوليائه {واتل عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ} هذه بداية قصة إبراهيم أي اقصص عليهم يا محمد خبر إبراهيم الهام وشأنه العظيم {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَِ} أي حين قال لأبيه وعشيرته أيَّ شيءٍ تعبدون؟ سألهم مع علمه بأنهم يعبدون الأصنام ليبيّن لهم سفاهة عقولهم في عبادة ملا لا ينفع، ويقيم عليهم الحجة {قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ} أي نعبد أصناماً فنبقى مقيمين على عبادتها لا نتركها،

<<  <  ج: ص:  >  >>