للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحيوان يأنف عن إتيان الذكر، وأنتم فعلتم ما يتورع عنه الحيوان {قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يالوط لَتَكُونَنَّ مِنَ المخرجين} أي لئن لم تترك تقبيح ما نحن عليه لنخرجنك من بين أظهرنا وننفيك من بلدنا كما فعلنا بمن قبلك، توعدوه بالنفي والطرد {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القالين} أي إني لعملكم القبيح من المبغضين غاية البغض وأنا بريء منكم {رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ} اي نجني من العذاب الذي يستحقونه بعملهم القبيح أنا وأهلي قال تعالى {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عَجُوزاً فِي الغابرين} أي نجيناه مع أهله جميعاً إلا امرأته كانت من الهالكين الباقين في العذاب قال ابن كثير: والمراد بالعجوز امرأته فقد كانت عجوز سوء، بقيت فهلكت مع من بقي من قومها حين أمره الله أن يسريَ بأهله إلا امرأته {ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخرين} أي أهلكناهم اشد إهلاكٍ وأفظعه بالخسف والحَصْب {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً} أي أمطرنا عليهم حجارة من السماء كالمطر الزاخر {فَسَآءَ مَطَرُ المنذرين} أي بئس هذا المطر مطر القوم المُنْذرين الذين أنذرهم نبيهم فكذبوه {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً} أي إنَّ في ذلك لعبرة وعظة لأولي البصائر {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} تقدم تفسيره، ثم شرع تعالى في ذكر قصة «شعيب» فقال: {كَذَّبَ أَصْحَابُ لْئَيْكَةِ المرسلين} أي كذَّب أضحاب مدين نبيهم شعيباً قال الطبري: والأيكةُ: الشجرُ الملتف وهم أهل مدين {إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلاَ تَتَّقُونَ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ على رَبِّ العالمين} سبق تفسيره {أَوْفُواْ الكيل} أي أوفوا الناس حقوقهم في الكيل والوزن {وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ المخسرين} أي من المُنْقِصين المُطَفِّفين في المكيال والميزان {وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم} أي زنوا بالميزان العدل السويّ {وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس أَشْيَآءَهُمْ} أي لا تُنقصوا حقوق الناس بأي طريق كان بالهضم أو الغبنأو الغصب ونحو ذلك {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ} أي ولا تُفسدوا في الأرض بأنواع الفساد من قطع الطريق، والغارة، والسلب والنهب {واتقوا الذي خَلَقَكُمْ والجبلة الأولين} أي خافوا الله لاذي خلقكم وخلق الخليقة المتقدمين قال مجاهد: الجِبِلَّة: الخليقة ويعني بها الأمم السابقين {قالوا إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ المسحرين} أي ما أنت إلا من المسحورين، سُحِرت كثيراً حتى غُلب على عقلك {وَمَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} أي أنت إنسانٌ مثلنا ولست برسول {وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الكاذبين} أي ما نظنك يا شعيب إلاّ كاذباً، تكذب علينا فتقول أنا رسول الله {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السمآء} أي أنزلْ علينا العذاب قِطِعاً من السماء، وهو مبالغة في التكذيب {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} أي إن كنت صادقاً فيما تقول قال الرازي: وإِنما طلبوا ذلك لاستبعادهم وقوعه، فظنوا أنه إذا لم يقع ظهرَ كذبه فعندها أجابهم شعيب {قَالَ ربي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي الله أعلم بأعمالكم، فإِن كنتم تستحقون ذلك جازاكم به وهو غير ظالم لكم، وإِن كنتم تستحقون عقاباص آخر فإِليه الحكم والمشيئة، قال تعالى {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة} أي فكذبوا شعيباً فأخذهم ذلك العذاب الرهيب عذاب يوم الظلة وهي السحابة التي أظلتهم، قال المفسرون: بعث الله

<<  <  ج: ص:  >  >>