للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الله من الشرك لكي يتوب الله عليكم ويرحمكم؟ قال المفسرون: كان الكفار يقولون لفرط الإِنكار: يا صالح ائتنا بعذاب الله فقال لهم: هلاّ تستغفرون الله قبل نزول العذاب، فإ ِن استعجال الخير أولى من استعجال الشر! { {قَالُواْ اطيرنا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ} أي تشاءمنا بك يا صالح وبأتباعك المؤمنين فإِنكم سبب ما حلَّ بنا من بلاء، وكانوا قد أصابهم القحط وجاعوا {قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ الله} أي حظكم في الحقيقة منخيرٍ أو شر هو عند الله وبقضائه، إن شاء رزقكم وإن شاء حرمكم. . لمّا لاطفهم في الخطاب أغلظوا له في الجواب وقالوا تشاءَمنا بك وبمن معك، فأخبرهم أن شؤمهم بسبب عملهم لا بسبب صالح والمؤمنين {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} أي بل الحقيقةُ أنكم جماعة يفتنكم الشيطان بوسوسته وإِغوائه ولذلك تقولون ما تقولون {وَكَانَ فِي المدينة تِسْعَةُ رَهْطٍ} أي وكان في مدينة صالح - وهي الحِجْر - تسعةُ رجالٍ من أبناء أشرافهم قال الضحاك: كان هؤلاء التسعة عظماء أهل المدينة {يُفْسِدُونَ فِي الأرض وَلاَ يُصْلِحُونَ} أي شأنهم الإِفساد، وإِيذاء العباد بكل طريق ووسيلة قال ابن عباس: وهم الذين عقروا الناقة {قَالُواْ تَقَاسَمُواْ بالله} أي قال بعضُهم لبعض: احلفوا باللهِ {لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ} أي لنقتلنَّ صالحاً وأهله ليلاً {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} أي ثم نقول لوليّ دمه ما حضرنا مكان هلاكه ولا عرفنا قاتله ولا قاتل أهله {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} أي ونحلف لهم إِنا لصادقون قال ابن عباس: أتوا دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم قال تعالى {وَمَكَرُواْ مَكْراً} أي دبَّروا مكيدةً لقتل صالح {وَمَكَرْنَا مَكْراً} أي جازيناهم على مكرهم بتعجيل هلاكهم، سمَّاه مكراً بطريق المشاكلة {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} أي من حيث لا يدرون ولا يعلمون قال أبو حيان: ومكرُهم ما أخفوه من تدبير الفتك بصالح وأهله، ومكرُ الله إهلاكُهم من حيث لا يشعرون {فانظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} أي فتأملْ وتفكرْ في عاقبة أمرهم ونتيجة كيدهم، كيف أنَّا أهلكناهم أجمعين وكان مآلهم الخراب والدمار} {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظلموا} أي فتلك مساكنهم ودورهم خاليةً بسبب ظلمهم وكفرهم لأنه أهلها هلكوا {إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} أي إن في هذا التدمير العجيب لعبرة عظيمة لقوم يعلمون قدرة الله فيتعظون {وَأَنجَيْنَا الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} أي وأنجينا من العذاب المؤمنين المتقين الذين آمنوا مع صالح {وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ} أي واذكر رسولنا «لوطاً» حين قال لقومه أهل سدوم {أَتَأْتُونَ الفاحشة} أي أتفعلون الفعلة القبيحة الشنيعة وهي اللواطة {وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ} أي وأنتم تعلمون علماً يقيناً أنها فاحشة وأنها عملٌ قبيح؟ {أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرجال شَهْوَةً مِّن دُونِ النسآء} تكريرٌ للتوبيخ أي أئنكم أيها القوم لفرط سفهكم تشتهون الرجال وتتركون النساء؟ ويكتفي الرجال بالرجال بطريق الفاحشة القبيحة {بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} أي بل أنتم قوم سفهاء ماجنون ولذلك تفضلون العمل الشنيع على ما أباح الله لكم من النساء {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أخرجوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ} أي فما كان جواب أولئك المجرمين إلا أن قالوا أخرجوا لوطاً وأهله من بلدتكم {إِنَّهمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>