للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ} أي قذفنا في قلبها بواسطة الإِلهام قال ابن عباس: هو وحيُ إلهام وقال مقاتل: أخبرها جبريل بذلك قال القرطبي: فعلى قول مقاتل هو وحيُ إعلام لا إلهام، وأجمع الكل على أنها لم تكن نبية، وإنما إرسال الملك إليها على نحو تكليم الملك للأقرع والأبرص والأعمى كما في الحديث المشهور، وكذلك تكليم الملائكة للناس من غير نبوة، وقد سلَّمت على «عمران بن حصين» فلم يكن نبياً {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم} أي فإذا خفت عليه من فرعون فاجعليه في صندوق وألقيه في البحر - بحر النيل - {وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تحزني} أي لا تخافي عليه الهلاك ولا تحزني لفراقه {إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المرسلين} أي فإنا سنرده إليك ونجعله رسولاً نرسله إلى هذا الطاغية لننجّي بني إسرائيل على يديه {فالتقطه آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً} أي فأخذه وأصابه أعوان فرعون لتكون عاقبة الأمر أن يصبح لهم عدواً ومصدر حزن وبلاءٍ وهلاك قال القرطبي: اللام في «ليكون» لا العاقبة ولام الصيرورة، لأنهم إنما أخذوه ليكون لهم قرة عين، فكان عاقبة ذلك أن صال لهم عدواً وحزناً، فذكر الحال بالمآل كما قال الشاعر:

وللمنايا تُربِّي كلُّ مرضعةٍ ... ودورُنا لخراب الدهر نبْنيها

{إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ} أي كانوا عاصين مشركين آثمين، قال العلماء: الخاطئ من تعمد الذنب والإِثم، والمخطئ من فعل الذنب عن غير تعمد {وَقَالَتِ امرأة فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ} أي قالت زوجة فرعون لفرعون: هذا الغلام فرحة ومسرة لي ولك لعلنا نسر به فيكون قرة عين لنا قال الطبري: ذكر أن المرأة لما قالت هذا القول لفرعون قال لها: أمَّا لك فنعم، وأما لي فليس بقرة عين، وقال ابن عباس: لو قال قرة عين لي لهداه الله به ولآمن ولكنه أبى {لاَ تَقْتُلُوهُ} أي لا تقتله يا فرعون، خاطبته بلفظ الجمع كما يُخاطب الجبارون تعظيماً له ليساعدها فيما تريد {عسى أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً} عسى أن ينفعنا في الكبر، أو نتبناه فنجعله لنا ولداً تقَرُّ به عيوننا قال المفسرون: وكانت لا تلد فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها قال تعالى {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} أي وهم لا يشعرون أن هلاك فرعون وزبانيه سيكون على يديه وبسببه {وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ موسى فَارِغاً} أي صار قلبها خاليا ً من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر موسى، وقيل المعنى: طار عقلها من فرط الجزع والغم حين سمعت بوقوعه في يد فرعون {إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ} أي إنها كادت ان تشف أمره وتظهر أنه ابنها من شدة الوجد والحزن قال ابن عباس: كادت تصيح واإبناه، وذلك حين سمعت بوقوعه في يد فرعون {لولا أَن رَّبَطْنَا على قَلْبِهَا} أي لولا أن ثبتناها وألهمناها الصبر {لِتَكُونَ مِنَ المؤمنين} أي لتكون من المصدقين بوعد الله برده عليها {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ} أي قالت أم موسى لأخت موسى: إتبعي أثره حتى تعلمي خبره قال مجاهد: قصي أثره وانظري ماذا يفعلون به؟ {فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} أي فأبصرته عن بعد وهم لا يشعرون أنها أخته،

<<  <  ج: ص:  >  >>