للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لِأَنَّ مُطْلَقَ ذَلِكَ يَنْصَرِفُ بِظَاهِرِهِ إِلَى مَنْ لَهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ، وَمَنْ يَجِبُ اتِّبَاعُ سُنَّتِهِ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّ مَقْصُودَ الصَّحَابِيِّ بَيَانُ الشَّرْعِ لَا اللُّغَةِ، وَلَا الْعَادَةِ، وَالشَّرْعُ يُتَلَقَّى مِنَ الْكِتَابِ (ق ٦٢ \ ب) ، وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ أَمْرَ الْكِتَابِ ; لِكَوْنِ مَا فِي الْكِتَابِ مَشْهُورًا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، وَلَا الْإِجْمَاعَ ; لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَذَا مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَيَسْتَحِيلُ أَمْرُهُ نَفْسَهُ، وَلَا الْقِيَاسَ إِذْ لَا أَمْرَ فِيهِ، فَتَعَيَّنَ كَوْنُ الْمُرَادِ أَمْرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(وَقِيلَ: لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ) ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَهُ، كَأَمْرِ الْقُرْآنِ أَوِ الْإِجْمَاعِ أَوْ بَعْضِ الْخُلَفَاءِ، أَوِ الِاسْتِنْبَاطِ، وَأَنْ يُرِيدَ سُنَّةَ غَيْرِهِ.

وَأُجِيبَ بِبُعْدِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الْأَوَّلُ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ فِي قِصَّتِهِ مَعَ الْحَجَّاجِ حِينَ قَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ السُّنَّةَ فَهَجِّرْ بِالصَّلَاةِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَقُلْتُ لِسَالِمٍ: أَفَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: وَهَلْ يَعْنُونَ بِذَلِكَ إِلَّا سُنَّتَهُ.

فَنَقَلَ سَالِمٌ، وَهُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَحَدُ الْحُفَّاظِ مِنَ التَّابِعِينَ عَنِ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ إِذَا أَطْلَقُوا السُّنَّةَ لَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِلَّا سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إِنْ كَانَ مَرْفُوعًا فَلِمَ لَا يَقُولُونَ فِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>