للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

إِنَّ هَذَا يَجُوزُ فِي الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ؟ إِذَا أَصَبْتَ مَعْنَى الْحَدِيثِ فَلَمْ تُحِلَّ بِهِ حَرَامًا وَلَمْ تُحَرِّمْ بِهِ حَلَالًا فَلَا بَأْسَ.

وَأُسْنِدَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: كَانَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى، وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ لَا يُحَدِّثُ إِلَّا عَلَى مَا سَمِعَ، وَأُسْنِدَ عَنْ وَكِيعٍ قَالَ: إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَعْنَى وَاسِعًا فَقَدْ هَلَكَ النَّاسُ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَمِنْ أَقْوَى حُجَجِهِمُ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ شَرْحِ الشَّرِيعَةِ لِلْعَجَمِ بِلِسَانِهَا لِلْعَارِفِ بِهِ، فَإِذَا جَازَ الْإِبْدَالُ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَجَوَازُهُ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْلَى.

وَقِيلَ: إِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلصَحَّابَةِ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، قَالَ: لِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَاهُ لِكُلِّ أَحَدٍ لَمَا كُنَّا عَلَى ثِقَةٍ مِنَ الْأَخْذِ بِالْحَدِيثِ، وَالصَحَابَةُ اجْتَمَعَ فِيهِمْ أَمْرَانِ: الْفَصَاحَةُ وَالْبَلَاغَةُ جِبِلَّةً، وَمُشَاهَدَةُ أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَفْعَالِهِ، فَأَفَادَتْهُمُ الْمُشَاهِدَةُ عَقْلَ الْمَعْنَى جُمْلَةً وَاسْتِيفَاءَ الْمَقْصُودِ كُلِّهِ.

وَقِيلَ: يُمْنَعُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ، حَكَاهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " الْمَدْخَلِ " عَنْ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَتَحَفَّظُ مِنَ الْبَاءِ وَالْيَاءِ وَالثَّاءِ، فِي حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>