للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[تدريب الراوي]

وَرُوِيَ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا.

وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِقَوْلِهِ: «رُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» فَإِذَا رَوَاهُ بِالْمَعْنَى فَقَدْ أَزَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ مَعْرِفَةُ مَا فِيهِ.

وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِنْ نَسِيَ اللَّفْظَ جَازَ، لِأَنَّهُ تَحَمَّلَ اللَّفْظَ وَالْمَعْنَى، وَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ أَحَدِهِمَا فَيَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْآخَرِ، لَا سِيَّمَا أَنَّ تَرْكَهُ قَدْ يَكُونُ كَتْمًا لِلْأَحْكَامِ، فَإِنْ لَمْ يَنْسَهْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُورِدَهُ بِغَيْرِهِ ; لِأَنَّ فِي كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْفَصَاحَةِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ، وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَهُوَ الْجَوَازُ لِمَنْ يَحْفَظِ اللَّفْظَ لِيَتَمَكَّنَ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ دُونَ مَنْ نَسِيَهُ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: يَجُوزُ بِإِزَاءِ مُرَادِفٍ.

قِيلَ: إِنْ كَانَ مُوجِبُهُ عِلْمًا جَازَ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى مَعْنَاهُ، وَلَا تَجِبُ مُرَاعَاةُ اللَّفْظِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلًا لَمْ يَجُزْ.

وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: يَنْبَغِي سَدُّ بَابِ الرِّوَايَةِ بِالْمَعْنَى، لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ مَنْ لَا يُحْسِنُ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّهُ يُحْسِنُ، كَمَا وَقَعَ لِلرُّوَاةِ كَثِيرًا قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَعَلَى الْجَوَازِ، الْأَوْلَى إِيرَادُ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ دُونَ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَلَا شَكَّ فِي اشْتِرَاطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّا تَعَبَّدَ بِلَفْظِهِ.

قَدْ صَرَّحَ بِهِ هَنَا الزَّرْكَشِيُّ، وَإِلَيْهِ يُرْشِدُ كَلَامُ الْعِرَاقِيِّ الْآتِي فِي إِبْدَالِ الرَّسُولِ بِالنَّبِيِّ وَعَكْسِهِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>