للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنفع، فبين سبحانه أن هؤلاء ضعفاء، وأن الذين اتخذوهم أولياء من دون الله أضعف منهم، فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء كالعنكبوت التي هي من أضعف الحيوانات، اتخذت بيتاً وهو من أضعف البيوت، فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفاً، وكذلك من اتخذ من دون الله أولياء؛ فإنهم ضعفاء، وازدادوا باتخاذهم ضعفاً إلى ضعفهم (١).

٣ - ومن أبلغ الأمثال التي تُبيّن أن المشرك قد تشتت شمله واحتار في أمره، ما بيّنه تعالى بقوله: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} (٢).

فهذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحد، فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون، سيئة أخلاقهم، يتنافسون في خدمته، لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، فهو في عذاب.

والموحد لما كان يعبد الله وحده لا شريك له، فمثله كمثل عبدٍ لرجلٍ واحد، قد سلم له، وعلم مقاصده، وعرف الطريق إلى رضاه، فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه واختلافهم، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه، مع رأفة مالكه به، ورحمته له، وشفقته عليه، وإحسانه إليه، وتولِّيه لمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان؟ والجواب: كلاً، لا يستويان أبداً (٣).


(١) انظر: تفسير البغوي،٣/ ٤٦٨،وأمثال القرآن لابن القيم، ص٢١،وفتح القدير للشوكاني،٤/ ٢٠٤.
(٢) سورة الزمر، الآية: ٢٩.
(٣) انظر: تفسير البغوي، ٤/ ٧٨، وابن كثير، ٤/ ٥٢، والتفسير القيم، ص٤٢٣، وفتح القدير للشوكاني، ٤/ ٤٦٢، وتفسير السعدي، ٦/ ٤٦٨، وتفسير الجزائري، ٤/ ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>