إحصاء الأسماء الحُسنى والعلم بها أصلٌ للعلم بكل معلوم، فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقاً له تعالى أو أمراً. إما علم بما كوّنه أو علم بما شرعه، ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى، وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه، فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى، وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد، والرأفة، والرحمة بهم، والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه، فأمره كله مصلحة، وحكمة، ورحمة، ولُطف، وإحسان؛ إذ مصدره أسماؤه الحسنى، وفعله كله لا يخرج عن العدل، والحكمة، والمصلحة، والرحمة، إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه، ولا عبث، ولم يخلق خلقه باطلاً، ولا سُدىً، ولا عبثاً.
وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده، فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه، فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه
(١) بدائع الفوائد، لابن القيم رحمه الله تعالى بتصرف يسير جداً، ١/ ١٦٩ - ١٧٠، وقد ذكر رحمه الله عشرين فائدة في أسماء الله الحُسنى قال في نهايتها: ((فهذه عشرون فائدة مضافة إلى القاعدة التي بدأنا بها في أقسام ما يوصف به الرب تبارك وتعالى، فعليك بمعرفتها ومراعاتها، ثم اشرح الأسماء الحسنى إن وجدت قلباً عاقلاً، ولساناً قائلاً، ومحلاً قابلاً، وإلا فالسكوت أولى بك، فجناب الربوبية أجلّ وأعزّ مما يخطر بالبال، أو يعبر عنه المقال {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} حتى ينتهي العلم إلى من أحاط بكل شيء علماً. وعسى الله أن يعين بفضله على تعليق شرح الأسماء الحُسنى مراعياً فيه أحكام هذه القواعد، بريئاً من الإلحاد في أسمائه وتعطيل صفاته، فهو المنان بفضله والله ذو الفضل العظيم)). وانظر: بدائع الفوائد، ١/ ١٥٩ - ١٧٠.