للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الخالق لأفعال العباد، وقالوا: إنّ الله لم يُرِدْها ولم يشأْها. وهدى الله أهل السنة والجماعة لأن يكونوا وسطاً بين هاتين الفرقتين، فقالوا: إنّ الله تعالى هو خالق العباد وأفعالهم، والعباد فاعلون حقيقة ولهم قدرة على أعمالهم، والله خالقهم وخالق قدراتهم قال الله تعالى: {وَالله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (١)، وأثبتوا للعبد مشيئة واختياراً تابعين لمشيئة الله تعالى، قال الله تعالى: {لمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاءَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} (٢).

ثالثاً: أهل السنة وسط في باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية

المرجئة: نسبة إلى الإرجاء وهو التأخير، وسُمُّوا بذلك لأنهم أخَّروا الأعمال عن الإيمان حيث قالوا: لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، فعندهم أن الأعمال ليست داخلة في مسمى الإيمان، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان غير مُعرَّض للوعيد، ومذهبهم باطل بالكتاب والسنة.

والوعيدية هم الذين قالوا: إنّ الله يجب عليه عقلاً أن يُعذِّب العاصي، كما يجب عليه أن يثيب الطائع، فمن مات على كبيرة ولم يتب منها فهو خالد مُخلَّد في النار، وهذا أصل من أصول المعتزلة، وبه تقول الخوارج، قالوا: لأنَّ الله لا يخلف الميعاد. ومذهبهم باطل مخالف للكتاب والسنة، قال الله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لمَن


(١) سورة الصافات، الآية: ٩٦.
(٢) سورة التكوير، الآيتان:٢٨ - ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>