للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذه الكلمة وقد نقصها بالذنوب التي لم يتب منها؛ فإن كانت صغائر كُفِّرت باجتناب الكبائر كما في قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا} (١)، وإن كانت كبائر فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ثم أدخله الجنة (٢).

وأحسن ما قيل في هذه الأحاديث ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره: ((إن هذه الأحاديث إنما هي فيمن قالها ومات عليها، كما جاءت مقيدة، وقالها خالصاً من قلبه مستيقناً بها قلبه، غير شاك فيها بصدق ويقين؛ فإن حقيقة التوحيد انجذاب الروح إلى الله جملة، فمن شهد أن لا إله إلا الله خالصاً من قلبه دخل الجنة؛ لأن الإخلاص هو انجذاب القلب إلى الله تعالى بأن يتوب من الذنوب [كلها] توبة نصوحاً فإذا مات على تلك الحال نال ذلك؛ فإنه قد تواترت الأحاديث بأنه يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، وما يزن خردلة، وما يزن ذرة، وتواترت بأن كثيراً ممن يقول: لا إله إلا الله يدخل النار ثم يخرج منها، وتواترت بأن الله حرم على النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم، فهؤلاء كانوا يصلون ويسجدون، وتواترت بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؛ لكن جاءت مقيدة بالقيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عنها عند الموت فيحال بينه وبينها، وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليداً أو عادة ولم


(١) سورة النساء، الآية: ٣١.
(٢) انظر: تيسير العزيز الحميد، ص٧٠، و ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>