للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم ينزل به كتابه، وقسم أنزل به كتابه فتعرّف به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه فلم يطَّلِع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: ((استأثرتَ به)) أي انفردت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمِّي به؛ لأن هذا الانفراد ثابت في الأسماء التي أنزل بها كتابه. ومن هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: ((فيفتح عليّ من محامده بما لا أحسنه الآن)) (١)، وتلك المحامد هي تفي بأسمائه وصفاته.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) (٢)، وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة)) (٣)، فالكلام جملة واحدة. وقوله: ((من أحصاها دخل الجنة)) صفة لا خبر مستقبل. والمعنى له أسماء متعددة من شأنها أن من أحصاها دخل الجنة. وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها. وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك قد أعدهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم معدون لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه (٤).


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، برقم ١٩٣، ١٩٤.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود، برقم ٤٨٦.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار، برقم ٢٧٣٦، ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باقي أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، برقم ٢٦٧٧، وقد شرحه ابن حجر في الفتح، ١١/ ٢١٤ - ٢٢٨، والحديث في آخره: ((وهو وتر يحب الوتر)).
(٤) بدائع الفوائد للإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله، ١/ ١٦٦ - ١٦٧، وانظر أيضاً: فتاوى ابن تيمية، ٦/ ٣٧٩ - ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>