عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة

المبحث الخامس عشر: شرح أسماء الله الحسنى - ٥٤ - الرءوف - ج: 1 - ص: 294

يَتَّقُونَ} (١) الآية. والنعم والإحسان، كله من آثار رحمته، وجوده، وكرمه. وخيرات الدنيا والآخرة، كلها من آثار رحمته (٢). وقال ابن تيمية رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (٣)، سمّى ووصف نفسه بالكرم، وبأنه الأكرم بعد إخباره أنه خلق ليتبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهم إلى الغايات المحمودة كما قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} (٤)،

{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (٥)، {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ

يَهْدِينِ} (٦)، فالخلق يتضمن الابتداء والكرم تضمن الانتهاء. كما قال في سورة الفاتحة: {رَبِّ الْعَالَمِينَ}، ثم قال: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}، ولفظ الكرم جامع للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاء بل الإعطاء من تمام معناه؛ فإن الإحسان إلى الغير تمام والمحاسن والكرم كثرة الخير ويسرته ... والله سبحانه أخبر أنه الأكرم بصيغة التفضيل والتعريف لها. فدل على أنه الأكرم وحده بخلاف ما لو قال: ((وربك الأكرم)) فإنه لا يدل على الحصر. وقوله: {الأَكْرَمُ} يدل على الحصر، ولم يقل: ((الأكرم من كذا)) بل أطلق الاسم، ليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مقيّد، فدلّ على أنه

---

(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٦.
(٢) تفسير العلامة السعدي، ٥/ ٦٢١.
(٣) شورة العلق، الآيات: ٣ - ٥.
(٤) سورة الأعلى، الآيتان: ٢ - ٣.
(٥) سورة طه، الآية: ٥٠.
(٦) سورة الشعراء، الآية: ٧٨.