للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام؛ لأن المسلمين آمنوا بهما على يد محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكان إيمانهم بهما من الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وبما جاء به، فلولاه ما عرفنا نبوّتهما، ولا سيما وليس بأيدي أهل الكتاب عن أنبيائهم ما يُوجب الإيمان بهم؛ فلولا القرآن ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ما عرفنا شيئاً من آيات الأنبياء المتقدمين، فمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكتابه هو الذي قرّر نبوّة موسى وعيسى، لا اليهود والنصارى، بل نفس ظهوره، ومجيئه تصديقاً لنبوتهما؛ فإنهما أخبرا بظهوره، وبشّرا بظهوره:

{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (١)، فلما بُعث كان بعثه تصديقاً لهما، قال تعالى عن محمد - صلى الله عليه وسلم -: {بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} (٢).

فمجيئه تصديق لهما من جهتين: من جهة إخبارهم بمجيئه ومبعثه، ومن جهة إخباره بمثل ما أخبروا به وشهادته بنبوتهم، ولو كان كاذباً لم يصدق من قبله، كما يفعل أعداء الأنبياء (٣).

ومن أعظم الأدلة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لليهود لما بهتوه: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (٤)، ولم يجسر أحد منهم على ذلك - مع اجتماعهم على تكذيبه وعداوته - لما أخبرهم بحلول الموت بهم إن أجابوه إلى ذلك، فلولا معرفتهم بحاله في كتبهم، وصدقه فيما يخبرهم به


(١) سورة الصف، الآية: ٦.
(٢) سورة الصافات، الآية: ٣٧.
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل، ٥/ ٧٨ - ٨٣، ودقائق التفسير لابن تيمية، ٤/ ٣٤، وإغاثة اللهفان لابن القيم، ٢/ ٣٥٠، ٣٥١، وهداية الحيارى، ص٦٣٥.
(٤) سورة البقرة، الآية: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>