للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث: مغفرة ذنوبهم، وهذا غاية التيسير، فقد جعل سبحانه التقوى سبباً لكل يسر، وتَرْكَ التقوى سبباً لكل عسر (١).

وهذا الخطاب في هذه الآية فيه قولان لأهل التفسير:

١ - قيل تُحمل على مؤمني أهل الكتاب، وأنهم يُؤتَوْن أجرهم مرتين؛ لإيمانهم بأنبيائهم، ثم إيمانهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، فيُعطَون بذلك: نصيبين من الأجر، كما قال - سبحانه وتعالى -: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (٢).

فلا شك أن من آمن من أهل الكتاب بنبيه، ثم آمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه يُعطَى أجرين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه وأدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - فآمن به، واتّبعه، وصدّقه، فله أجران، وعبد مملوك أدَّى حقّ الله تعالى، وحقَّ سيّده فله أجران، ورجل كانت له أمةٌ فغذَّاها فأحسن غذاءها، ثم أدبها فأحسن أدبها، ثم أعتقها وتزوّجها، فله أجران)) (٣).

٢ - وقيل: هي في حق هذه الأُمَّة؛ لِمَا ذكره سعيد بن جبير أن أهل الكتاب افتخروا بأنهم يؤتون أجرهم مرتين، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية في


(١) الضوء المنير على التفسير، من كتب ابن القيم، للصالحي، ٥/ ٦٢٤.
(٢) سورة القصص، الآية: ٥٤.
(٣) متفق عليه من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -: البخاري، كتاب الجهاد، باب فضل من أسلم من أهل الكتابين، ٤/ ٢٥، برقم ٣٠١١، ومسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، ١/ ١٣٤، برقم ١٥٤، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>