للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفيان الثوري رحمه الله: ((البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ فإن المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها)) (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((ومعنى قولهم: إن البدعة لا يتاب منها: أن المبتدع الذي يتخذ ديناً لم يشرعه الله ولا رسوله قد زُيِّن له سوء عمله فرآه حسناً، فهو لا يتوب ما دام يراه حسناً؛ لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه، وبأنه ترك حسناً مأموراً به أمر إيجاب، أو استحباب؛ ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسناً، وهو سيئ في نفس الأمر؛ فإنه لا يتوب)) (٢)، ثم قال: ((ولكن التوبة ممكنة وواقعة بأن يهديه الله، ويرشده حتى يتبيّن له الحقّ، كما هدى - سبحانه وتعالى - من هدى من الكفار والمنافقين، وطوائف أهل البدع والضلال)) (٣)، وقال رحمه الله: ((ومن قال: إنه لا يقبل توبة مبتدع مطلقاً فقد غلط غلطاً منكراً)) (٤)، فقد فسّر شيخ الإسلام حديث حجب التوبة عن صاحب البدعة بكلامه هذا تفسيراً واضحاً ولله الحمد، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله حجب التوبة عن صاحب كل بدعة)) (٥)، وقد وضح المعنى لهذا


(١) شرح السنة، للبغوي، ١/ ٢١٦.
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ١٠/ ٩.
(٣) المرجع السابق، ١٠/ ٩ - ١٠.
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ١١/ ٦٨٥.
(٥) أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط، ٨/ ٦٢، برقم ٤٧١٣ [مجمع البحرين في زوائد المعجمين. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ((ورجاله رجال الصحيح، غير هارون بن موسى الفروي وهو ثقة))، ١٠/ ١٨٩، وصحح إسناده الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، ٤/ ١٥٤، برقم ١٦٢٠، وذكر طرقه الأخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>