للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغربها رحمة الله عليهم (١).

وأهل السنة والجماعة في باب أسماء الله، وآياته، وصفاته، وسط بين (أهل التعطيل) الذين يلحدون في أسماء الله وآياته، ويُعطِّلون حقائق ما نعت الله به نفسه، حتى شَبَّهوه بالمعدوم والأموات، وبين (أهل التمثيل) الذين يضربون له الأمثال، ويشبهونه بالمخلوقات، فيؤمنُ أهل السنة والجماعة، بما وصف الله به نفسه، وما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف، و [لا] تعطيل، ومن غير تكييف و [لا] تمثيل، وهم في باب خلقه وأمره، وسط بين المكذبين بقدرة الله، الذين لا يؤمنون بقدرته الكاملة، ومشيئته الشاملة، وخلقه لكل شيء، وبين المفسدين لدين الله، الذين يجعلون العبد ليس له مشيئة ولا قدرة، ولا عمل. فيعطلون الأمر، والنهي، والثواب، والعقاب، فيصيرون بمنزلة المشركين الذين قالوا:

{لَوْ شَاءَ الله مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} (٢).

فيؤمن أهل السنة بأن الله على كل شيء قدير، فيقدر أن يهدي العباد، ويقلب قلوبهم، وأن ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يكون في ملكه ما لا يريد، ولا يعجز عن إنفاذ مراده، وأنه خالق كل شيء من الأعيان والصفات، والحركات.

ويؤمنون أن العبد له قدرة ومشيئة، وعمل، وأنه مختار، ولا يسمونه مجبوراً، إذ المجبور من أُكره على خلاف اختياره، والله سبحانه جعل


(١) الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، ٢/ ١١٣.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>