للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت الخوارج: المُصِرُّ على كبيرة من زنا، أو شرب خمر، أو رباً، كافر مرتدّ خارج من الدين بالكلية، لا يُصلّى عليه، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولو أقرّ لله تعالى بالتوحيد، وللرسول - صلى الله عليه وسلم - بالبلاغ، ولو صلى وصام، وزكّى، وحجّ، وجاهد، وهو مخلّد في النار أبداً مع إبليس، وجنوده، ومع فرعون، وهامان، وقارون (١).

وفسرّوا الآيات القرآنية بما يؤيّد قولهم في تكفير من يرتكب الكبائر مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (٢)، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (٣). قالوا: فلم يجعل الله منزلة ثالثة تقع وسطاً بين الكفر والإيمان، ومن كفر وحبط عمله فهو مشرك، والإيمان رأس الأعمال، وأول الفرائض ... ومن ترك ما أمره الله به فقد حبط عمله، وإيمانه، ومن حبط عمله فهو بلا إيمان، والذي لا إيمان له مشرك كافر (٤).

ومما تمسّك به الخوارج قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن)) (٥)، ويأتي الرّدّ عليهم إن شاء الله في فصل مناقشة الآراء (٦).


(١) معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد، ٢/ ٤٢٠.
(٢) سورة المائدة، الآية: ٥.
(٣) سورة التغابن، الآية: ٢.
(٤) الخوارج، الأصول التاريخية لمسألة تكفير المسلم، ص٣٠.
(٥) متفق عليه، البخاري، كتاب المظالم، باب النهبى بغير إذن صاحبه، برقم ٢٤٧٥، ومسلم، واللفظ له، كتاب الإيمان، با ب نقصان الإيمان بالمعاصي، برقم ٥٧.
(٦) انظر المبحث الأول من الفصل الثاني من الباب الثالث.

<<  <  ج: ص:  >  >>