للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول

من أعظم حقوق المسلم صِيانة عرضه, ورعايه حرمته

فإن تحريم النيل من عِرض المسلم أصل شرعي متين، عُلم بالضرورة من دين الإسلام، و " حفظ العرض " أحد الضروريات الخمس التي شُرعت من أجلها الشرائع.

لقد خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مسمع يزيد عن مائة ألف نفس من صحابته الأبرار في حجة الوداع، فقال: " إِن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ " (١).

والأعراض: جمع عِرْض، (وهو موضع المدح والذم من الإنسان، سواء كان في نفسه أو في سَلَفه، أو من يلزمه أمره، وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحَسَبه (٢)، ويُحامي عنه أن يُنتقص ويُثلبَ) (٣).


(١) رواه البخاري رقم (٦٧)، ومسلم رقم (١٦٧٩) وغيرهما من حديث أبي بكرة رضي الله عنه، وهو طرف من خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع.
(٢) الحسب: هو الكرم والشرف الثابت في الآباء، من جهة مآثرهم وشرف أنسابهم، وقيل: هو الفعال الصالحة مثل: الشجاعة، والجود، وحسن الخلق، والوفاء.
(٣) " النهاية في غريب الحديث والأثر " (٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩)، وانظر: " فتح الباري " (١٠/ ٤٦٤)، وإذا ذكر العرض مع النفس أو الدم أو المال فالمراد به " الحسب " فقط، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - " كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه "، وغلب " العرض " بمعنى " الحسب " في استعمال الفقهاء، وأما في سياق هذا البحث فإننا نعني بالعرض المعنى الواسع لكل ما يقبل المدح والذم في الإنسان، لا بمعنى " البُضع " فحسب، ولا بمعنى " الحسب " فحسب.

<<  <   >  >>