للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: أن يعلم أن زلة العالم ليست من الشرع في شيء، فلا تنسب إليه، ولا هي من الخلاف السائغ، ولا يجوز الاقتداء به فيها، بل يتعين تبرئة الشريعة منها.

قال الإمام الشاطبي في " الموافقات ":

(إن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة، ولا الأخذ بها تقليدًا له؛ وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عُدت زلة، وإلا فلو كانت معتدًّا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نُسب إلى صاحبها الزلل فيها ...

ما أنه لا ينبغي أن يُشَنعَ عليه بها، ولا يُنتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتًا؛ فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين) اهـ (١).

وقال الإمام الشاطبي أيضاً: (إنه لا يصح اعتمادها -أي زلة العالم- خلافًا في المسائل الشرعية؛ لأنها لم تصدر في الحقيقة عن اجتهاد، ولا هي من مسائل الاجتهاد، وإن حصل من صاحبها اجتهاد؛ فهو لم يصادف فيها محلاً، فصارت في نسبتها إلى الشرع كأقوال غير المجتهد، وإنما يعد في الخلاف الأقوالُ الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة، كانت مما يقوى أو يضعف، وأما إذا صدرت عن مجرد خفاء الدليل أو عدم مصادفته فلا؛ فلذلك قيل: " إنه لا يصح أن يعتد بها في الخلاف، كما لم يعتد السلف الصالح بالخلاف في مسألة ربا الفضل، والمتعة، ومحاشي النساء وأشباهها من المسائل التي خفيت فيها الأدلة على من خالف فيها) اهـ (٢).

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: (ومن أنواع النصح لله تعالى وكتابه


(١) " الموافقات " (٥/ ١٣٦ - ١٣٧).
(٢) " السابق " (٥/ ١٣٩).

<<  <   >  >>